قسوة أبي وكلامه الجارح دفعاني للخروج من المنزل!

0 15

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي مع والدي، فهو يغضب شهريا لسبب أو بدون سبب، ويلجأ لتفريغ غضبه على أي شيء تافه، وفي إحدى المرات كنت جالسا مع أختي في الغرفة، ودخل علينا وهم بضربها على وجهها؛ بحجة أنها لم تغسل الصحون، على الرغم من أنها غسلتها في الصباح، وكانت ذاهبة لغسلها عندما أخبرها، فأمسكت يده حينها، فوجه غضبه علي، ونظر لي وكأني الابن العاق الذي فشل في تربيته.

غضب والدي وقال: أنا من ينفق عليك وعلى إخوتك، وأنت لم تنفعني بشيء، فأنا دكتور جامعي وكذا وكذا، وأنت لا شيء، ونحن ملك له يضربنا متى شاء؛ لأنه والدنا، ثم تحداني بلهجة ساخرة وقال: أنفق على أهلك أولا، ثم دافع عنهم، وطلب مني الاعتذار، واختار عقابا مناسبا ليرتاح نفسيا، وإن لم يعجبني ذلك فعلي الخروج من البيت الذي ينفق هو فيه.

أنا الآن خارج المنزل منذ يومين، وعندما كنت على الباب طلب مني خلع قميصي وبنطالي الذي اشتراه لي إن كانت أغادر حفاظا على كرامتي، وكان يستهزئ بي وبعجزي. أنا لم أغادر أصلا لأجل الكرامة، أنا فقط لا أريد سماع كلامه، ولو عدت للمنزل فعلى الأغلب سأسمع هذا الكلام لمدة، وكلما شعر بالغضب وأراد تفريغه سيسمعني الكلام نفسه، أنا لا أعرف لماذا منعته من الضرب في تلك المرة تحديدا؟ ربما لأني لا أشعر بالاستقرار؛ بسبب فقدان الطموح، وكثرة الوساوس لدي في الدين والشبهات، فأردت أي تغيير!

كان معى مبلغ من المال عندما تركت المنزل أنفقته على الطعام والنظارة التي كسرها والدي؛ لأنه اشتراها بماله، ولا أعرف ما أفعل؟ لا أريد أن أعود وأسمع هذه الكلمات والنظرات، فكرت فى البحث عن عمل لأجد الطعام، لكني لا أعرف كيف أبحث عن عمل، ويجب أن أسأل من لمساعدتي؟ أرجو تقديم النصيحة فلا أعرف ما أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب،،

نهنئك بداية على صبرك وبرك بوالدك، رغم ما يصدر منه -حسب قولك-، فالبر بالوالدين من أعظم القربات إلى الله تعالى، اعلم أنه قد يبتلى الإنسان بوالد صعب المزاج، دائم الصراخ، شديد التعامل، وكل هذا من البلاء، ولا شك أن مواجهته تتطلب الصبر، واحتساب الأجر من الله، مع عدم مقابلة الإساءة بمثلها، والخطأ بخطأ أعظم.

أخي الكريم: لا شك أن الوضع الذي تعيشه يحتاج منك إلى الحكمة في التعامل والصبر، كما يتطلب منك الوعي الكافي بكيفية التخفيف من آثاره النفسية عليك، ووسائل وطرق التعامل مع الشخصيات الصعبة ومتقلبة المزاج، ولهذا نقدم لك بعض النصائح التي قد تساعدك في التعامل مع هذا الواقع الصعب:

أولا: حاور والدك بصراحة، اختر الأوقات التي يكون فيها هادئا وليس منفعلا، وحاول أن تجلس معه جلسة ودية تعبر له فيها عن تأثير الكلمات التي يتلفظ بها عليك وعلى إخوتك، ووضح له مدى التحطيم النفسي والمعنوي الذي تسببه تلك العبارات الجارحة، والتي قد لا تستحق كل هذا، فقد يكون والدك غير مدرك لحجم تأثيرها؛ خصوصا عند الغضب.

ثانيا: تجنب المواجهة والتصادم معه في لحظات غضبه، سواء منك أو من إخوتك، حاول قدر المستطاع أن تبتعد عن مسببات الغضب أو المواجهة بالقول أو الفعل، وفي الوقت نفسه أظهر له استجابة سريعة لما يطلبه –بالمعروف-، فالمواجهة والرد في تلك اللحظات تزيد من حدة التوتر وتفاقم الموقف.

ثالثا: عالج نفسك من خلال مواجهة انفعالاتك، واجه نفسك بتأكيد أن والدك له فضل كبير عليك وعلى إخوتك، وهذه حقيقة، وأنك لا تنكرها، هذه المواجهة الداخلية ستساعدك على تقليل الضغط النفسي والتوتر الناتج عن الموقف.

رابعا: التمس لوالدك الأعذار في لحظات الغضب، فقد يكون غاضبا نتيجة ضغوط العمل، أو صعوبات الحياة خارج المنزل، أو بسبب أشياء لا تعلمها، هذا التفكير سيساعدك على تقليل مشاعر الانفعال داخلك تجاه والدك.

خامسا: اجتهد في بناء مهاراتك، وتطوير نفسك بما يؤهلك لسوق العمل، اكتسب خبرات جديدة في مجالات مختلفة، ووسع شبكة علاقاتك مع الأصدقاء والمعارف، ابحث عن الأصدقاء الناجحين، وتعلم منهم طرق كسب المال، وفرص العمل، واجتهد في البحث عن عمل مناسب؛ وذلك سيساهم في تخفيف العبء المادي عن والدك، ويعزز احترامه وتقديره لك، وفي الوقت نفسه سيرفع من ثقتك بنفسك.

أخي الفاضل: والدك له حق كبير عليك، ولكن هذا لا يعني أن كل تصرفاته صحيحة أو مبررة، فاستخدام الضرب أو العبارات الجارحة ليست وسائل صحيحة في التربية، ولكن النظر إلى ما قدمه لك ولأسرته يمنحه حقا عظيما لا ينبغي أن يسقط بسبب تلك المواقف.

اعلم أنه تزداد معاناتك النفسية عندما تشعر بالعجز عن إثبات وجودك، والاستقلالية عن الآخرين، هذا العجز يجب أن يكون دافعا لك لبناء نفسك، وتنمية مهاراتك، وتقليل اعتمادك الكامل على والدك وأنت بهذا السن، فقد تكون هذه المشاعر نافذة المنحة الإيجابية في هذه المواقف والأحداث، لتدفعك للتغيير والبناء الجاد، فكل هذا سيعزز ثقتك بنفسك، ويبعد عنك الشعور بالشك والتردد الذي يجد له مكانا في نفس الإنسان العاجز.

وفي النهاية: اجعل علاقتك بالله قوية، وابق على صلة دائمة به، أكثر من الدعاء بأن يصلح الله ما بينك وبين والدك، وأن يبعد الشيطان عنكما، وحافظ على قراءة القرآن، وذكر الله، والصلاة، والنوافل؛ فهذه الأعمال ستساعدك على الشعور بالطمأنينة والتفكير السليم، كما تشعرك بأن لك معنى وهدفا تعيش من أجله، فتزول عنك الشكوك بكل أنواعها.

أسأل الله أن يوفقك للخير، ويعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات