السؤال
أنا شاب كنت ملتزما، والمعروف عني الحشمة والطاعة، حتى جرى علي القول لا يغني حذر من قدر، فقد طاف بي طائف من الشيطان فأغواني فوقعت في الحرام، وليس هذا فقط بل أصبت فيه بداء خطير، وقاكم الله كل سوء.
أنا الآن في كرب وبلاء لا يعلمه إلا الله حتى لكأني أرى أنه ما في الدنيا الآن من هو أشد مصيبة مني، الحاصل: أنا تبت إلى الله من تلك المعصية قبل أن أعلم بأمر إصابتي.
أنا حيران، والدنيا ضاقت بي على رحابتها حتى فكرت مرارا بالانتحار، وما ردني في ذلك إلا خوفي من غضب الله وعذابه، وأشد ما أخافه الآن أمر إخبار والدي بالأمر، وأخشى أن يقع لهم مكروه من قوة الصدمة، كما أخشى سخطهم وغضبهم علي وبراءتهم مني، خصوصا والدي، وهو الصالح المتدين الكاره للمحرمات، ما بالك بعار المرض الناجم عنها، فكيف أتعامل مع هذا الموقف؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال.
نهنئك بالتوبة إلى الكريم التواب، ونبشرك بأن التوبة تجب ما قبلها، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ونوصيك بأن تستر على نفسك، فالإنسان غير مطالب بأن يفضح نفسه، وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (من ابتلي بشيء من هذه القاذورات، فليستتر بستر الله).
استر على نفسك، واعلم أن المؤمن مطالب أن يستر على نفسه، وأن يستر على غيره، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الشفاء.
اعلم أن الأمر لله من قبل ومن بعد، فاصدق في اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وتوكل عليه، واستعن به سبحانه، وعد إلى طاعته، وأطل السجود بين يديه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وابذل أسباب بلوغ العافية، فإن الإنسان عليه أن يبذل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب سبحانه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الشفاء.
إذا كان إخبار للوالدين يزعجهما ويتعبهما، فلست مطالبا بأن تفضح نفسك، واعلم أن هذه الأمراض معظمها أمراض خفية، قد لا تظهر آثارها في وقت مبكر، واستعن بالله، واجتهد في طلب العافية، ويمكنك مقابلة أطباء في مكان بعيد، حتى تخفي هذا الأمر عمن حولك من الناس.
عموما، أرجو أن تجعل همك التوبة، وطلب المغفرة من الله؛ لأن هذا هو الأمر الذي ينبغي أن تسعى إليه، ونسأل الله أن يكتب لك الشفاء العاجل، وهذا الذي حدث ينبغي أن يقربك من الله، وإلى الصلاة والصلاح والإنابة، لأن هذا هو المهم.
اعلم أننا سنمضي من هذه الدنيا، المريض وغير المريض، سيمضي بأجله، ولكن ماذا بعد الموت؟ هذا الذي ينبغي أن نفكر فيه، والتوبة النصوح تجب ما قبلها، بل رب معصية أورثت ذلا وانكسارا خيرا من طاعة أورث كبرا وافتخارا، فتب إلى الله واصدق في اللجوء إليه، واعلم أنه سبحانه يحب التوابين، ويحب المتطهرين.
وقد أزعجنا ما ذكرته من التفكير في الانتحار، وما هكذا يفكر المؤمن التائب النادم، فالانتحار جريمة وأي جريمة، هو جريمة أكبر من الذنب نفسه الذي قادك للتفكير فيه، وهو هروب من عذاب دنيوي مؤقت، إلى عذاب أخروي سرمدي دائم، فتوقف عن مثل هذا التفكير، ولا تسمح للشيطان أن يخدعك ويوقعك مبتغاه وهو أن يكثر من بني آدم في نار الجحيم، أعاذنا الله وإياك منها، ونرجو أن تراجع هذه الروابط المفيدة حول هذا الموضوع: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112)، وكذلك هذه الإرشادات المفيدة: (278495 - 2110600).
نسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليك، وأن يعجل لك بالشفاء، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو لي ذلك والقادر عليه.