حائرة بين من تعلقت به وبين من يريد التقدم لي، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، تخرجت هذا الشهر، وقد أعانني على مشروع التخرج رجل مهندس، تواصلت معه عبر (messenger)، لأنه الوحيد الذي يفهم في هذا المشروع.

الرجل كان يعينني طوال خمسة أشهر، ورأيت فيه صفات ارتضيتها ليكون زوجا لي، رغم أني لم أظهر له ذلك، وكان يدعمني كثيرا في مشروعي، وأراد أن يأتي يوم تقديم مشروعي وفي وقت حضور أهلي، لكن قدر الله أن لا يأتي، لأنه عاد لبلده فرنسا، وهناك قال لي: إنه يعمل عن بعد، وهو مسلم وموحد، ويصلي في المسجد، وذو خلق حسن، وأعانني على المشروع دون أي مقابل، رغم أنه أخذ من وقته الكثير.

كنا نتواصل عبر الرسائل أو المكالمات، ولا يعرف وجهي، ولمح لي أنه يريدني، لكني تعمدت إظهار عدم الاهتمام، ولم أتحدث عن حياتي الخاصة أبدا، أو أي مشكلة خاصة.

الآن تعلق قلبي به؛ لأني رأيت فيه صفات أردتها، فهو ذو خلق حسن، ومهتم بالقضايا الفكرية، وفي نفس المجال الذي أرغب أن أعمل فيه، ولا أدري هل أستطيع العودة والسؤال عنه، ومصارحته أو التلميح له؟ لأني لا أستطيع نسيانه.

نحن انقطعنا عن التحدث منذ أن تخرجت، وأخبرته بتخرجي، وأنا ندمت لأني لم أظهر له، أو أتحدث معه في قضايا كان يريد أن يعرف وجهة نظري فيها، لكي يعرف أني مناسبة له أم لا؟ مثل: هل أريد أن أعمل أو لا؟

علما بأني تقدم لي رجل آخر، وأراد التعرف إلي، وحدثني قليلا برسائل، وأنا دائما ضد التعارف، أريد خطبة قبل التعارف، وقلت له لا أريد أن يتعلق قلبي، تعال لخطبتي حتى نتعارف، وهو لم يأت حتى الآن.

إن عقلي مضطرب بين أن أنسى الأول وبين أن أنتظر الثاني، أو أنساهما وأنتظر نصيبي! فأنا ضد التعارف قبل الزواج، والرجل الأول اضطررت للتحدث معه لأني لم أجد أحدا يعينني على مشروع التخرج، وأحببته خلال هذه الأيام.

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك في عمرك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبخصوص ما تفضلت به، فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: نشكر الله لك تدينك، وحرصك على إرضاء الله عز وجل، وهذه بشارة خير، نسأل الله أن يكرمك، فما ترك أحدا شيئا لله إلا عوضه الله خيرا منه، لكن مع هذا لا بد أن نذكرك بأن الأصل في التواصل مع الأجنبي المنع إلا لحاجة لا تكون إلا به، وفي حدود الضوابط الشرعية، ولأجل الغرض المراد شرعا.

ثانيا: نتفهم طبيعة الفتاة في مثل عمرك، ورغبتها في الزواج، وهذا أمر طبيعي، لكن لا بد أن تعلمي -أيتها الفاضلة- أن الزواج مقسوم ومقدر ومكتوب، فمن قدره الله لك زوجا فسيأتي وأنت مرفوعة الرأس محفوظة الجانب، ومن لم يقدره لن يأتي.

هذا الإيمان منك يحملك على التهدئة والاستبشار معا، أما التهدئة النفسية فلقوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وأما الاستبشار فلأن قضاء الله خير لك مما أردته لنفسك، والله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمني الشر لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير لا يعلم أن فيه نجاته، فقال تعالي: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم)، فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو أفضل من اختيارك لنفسك.

ثالثا: اعلمي أن للشيطان مداخل ووسائل، وهو يأتي لكل إنسان من مكامن ضعفه، ومن تلك الوسائل أن يحبب إليك من لا تعرفين من باب التدين حتى يعلق قلبك به، وقد يريك إياه في المنام على أنه زوج لك، كل هذه يفعلها حتى يتشتت الذهن ويتعلق بغائب غير مدرك، فإن وصل الشيطان إلى مراده ربح أمرين معا:

- ربح تشتت ذهنها وانصرافها رويدا رويدا عن الطاعة، وربما جرها إلى ما لم تكن تتخيل أن تقع هي فيه لثقتها في تدينها.

- ربح إغلاق قلبها عن أي خاطب قادم وعدم الرؤية المتزنة إليه، بل ربما ترفض الخاطب القادم لأنها تقارن الواقع المعاش على الخيال المتوهم، فانتبهي يرعاك الله.

رابعا: إننا ننصحك بعدم التفكير في كلا الرجلين حتى يطرقا الباب أو أحدهما، ولا تراسلي الأول مطلقا، فإن هذا يضعف مكانتك إن كان راغبا، في الزواج وهو متدين، وكذلك يسقطك أمام نفسك، بل نقول لك: إن بعض الفاضلات لما حدث منهن بعض التجاوزات التي تعتبر بسيطة ندمن بعد الزواج، ورأين سوء ما فعلن في علاقة أزواجهن بهن، لذا كوني حازمة فإن أراد الخطبة وهو صادق فليطرق الباب، وإلا فالباب موصد.

خامسا: مسألة عمل المرأة تخضع لعدة أمور، منها:
1- أن تكون مضطرة إليه.
2- أن يكون مباحا في الأصل وملائما.
3- ألا يكون في مكان تختلط فيه مع الرجال إلا للضرورة القصوى وبدون خلوة.
4- يجب أن تكون محجبة بالحجاب الشرعي، ومحتشمة، وألا تخضعي بالقول.

لذا فإننا ننصحك ألا تجعلي العمل عائقا أمام الزواج إذا كان الزوج قادرا على النفقة عليك، ولست مضطرة إليه.

نوصيك أن تتعرفي إلى بعض الأخوات الصالحات في المسجد، أو دور التحفيظ للقرآن، ولا بأس إن حدثتك إحداهن عن أخ صالح لها أن تفتحي الباب عن طريق أهلك.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات