السؤال
السلام عليكم.
أنا إنسانة راضية بما قسمه الله لي، زوجي يعمل -والحمد لله-، لكن ليس لدينا بيت ملك، بل نعيش في بيت بالإيجار، ومع ذلك نحن راضون، هناك أناس يقولون: كيف يعمل زوجك هذا العمل، ولم يشتر بيتا، وعمله بالحلال، قلت لهم: "ما أذن ربي"، يقولون: لا بد أن تسعوا، كيف نسعى أكثر من هذا؟
أختي دائما تفتعل المشاكل، وابنتي في الجامعة، وهي بعيدة عن السكن، فتذهب عند بيت جدها، وخالتها هذه تقول لها: "لماذا لا تذهبي إلى سكن الطالبات؟"، ودائما تحرض أبي عليها، هل هذا يرضي الله؟ والله صرت أحس أن طيبتي معهم غباء، أعطني نصيحة، ماذا أعمل معهم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:
هنيئا لك -أختنا- هذا الرضا بما قسم الله لك من خير، هنيئا لك أن من الله عليك باتباع وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)، هنيئا لك الغنى الحقيقي، وليس الوهم الذي يعيش فيه بعض الناس من حصر الغنى في بيت للسكن، أو سيارة للركوب، أو مال مدخر.
إن أفقر الناس من لا يملك سوى المال، وإن أغنى الناس من رزق القناعة وإن كان في المال فقيرا، ثم حدثينا أي فائدة للمال أو البيت إذا تملكه مريض لا يرجى شفاؤه، أو عاص لله مات على المعصية؟! ما أنت فيه من نعمة تستوجب الشكر، نسأل الله أن يتمها عليكم بخير، وأن يزيدكم من فضله.
أما حديثك عن الطيبة بأنها غباء؛ لأن بعض أهلك يسيئون إليك، فنحن نخالفك في ذلك، بل نقول لك: لعل هذا فضل زائد وخير قائم؛ لأن هؤلاء رحمك، وقد أحسنت إليهم، وبعضهم قد أساء، ولو شئت لانتصرت، فما أسهل أن يرد المرء الإساءة بمثلها، وهذا يحسنه أغلب الناس، لكن الفضل لمن يملك نفسه عند الغضب احتسابا للأجر من الله عز وجل، هذا بحق هو القوي، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
فإذا أضفنا إلى ذلك ما أعده الله لمن وصل رحمه، لعلمنا فضل ما أنت فيه، وسنجعلها في نقاط بسيطة:
1- صلة الرحم من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه).
2- وسبب للبركة في الرزق والعمر معا، قال صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه).
3- وسبب لصلة الله تعالى وإكرامه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله).
4- هي من أسباب دخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام).
وفي المقابل قاطع الرحم ملعون في كتاب الله، قال ربي: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم*أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم).
ووصف الله القاطع بالفاسق، قال ربي: (وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون).
وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن قطيعة الرحم سبب لتعجيل الذنب، فقال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم).
فالحمد لله على ما هداك إليه، ونسأل الله أن يتم عليك فضله، والله الموفق.