السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أقوم بنشر منشورات دينية عبر مجموعات الواتساب في كليتي وكليات أخرى، وفي إحدى الأيام دخلت علي فتاة من كلية غير كليتي وحدثتني بالخاص، قالت: جزاكم الله خيرا وعليك أن تستمر، فنصحتها بعدم جواز التحدث مع رجل أجنبي بخلوة طالما أن الحديث ليس ضروريا، ثم مسحت المحادثة من عندي؛ كي لا يتعلق قلبي، وذلك منذ سنة.
لاحقا دخلت وطلبت النصيحة حول كيفية التوفيق بين الدراسة وطلب العلم والدعوة، واعترفت أنه لا يجوز لها الكلام بخلوة ولكنها أرادت النصح، فرددت على سؤالها فقط، وكنت حذرا للغاية، ثم مسحت المحادثة مرة أخرى، ولكن ما حدث اليوم هو ما أرعبني وجعلني لا أدري ماذا أفعل!
الفتاة قامت بإرسال هذه الرسالة لي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو إكمال القراءة والاستخارة بعدها، لن أطيل في الكلام، ولكني أريد أن أقول: (إن الله إذا إحب عبدا كتب له القبول بأن يحبه من في الأرض والسماء، فهذا يدل على شدة قربه من خالقه، وأنا شخصيا كنت أتصفح في النت، ووجدت إحدى رسائلك على الإنترنت فقرأتها وأكملتها وأعجبتني، وبعدها صرت أتابع كل الرسائل -والحمد لله-، وما زلت أتابع، ووصلت لمرحلة الله يعلم بها)، جزاكم الله خيرا، وجعله في ميزان حسناتكم، أتمنى أن أحظى بك في هذه الدنيا، وهذا ليس عيبا، أنا أحببت أن أخبرك أني أحبك لحسن خلقك وإعجابي بدينك.
أعلم أن إرسال الرسائل غير جائزة بهذه الطريقة، -إن شاء الله- هذه آخر رسالة مني.
فسؤالي هو: بما أني منشغل بالدعوة، فهل كان تصرفي خاطئا منذ البداية في الرد عليها؟ وهل ارتكبت ذنبا؟ مع كوني لم أقل إلا النصح فقط، ولم أزد، وبلغة حاسمة ليس بها رعونة، فأريد أن أعلم لكي أتقي الأمر إذا حدث مرة أخرى مع شخص آخر.
الأمر الثاني: ماذا أفعل مع هذه الأخت، علما أنها ليست في كليتي، ولا أعلم عنها أي شيء مطلقا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن ينفع بك بلاده والعباد، وأن يستخدمنا فيما يرضيه، وهنيئا لمن شغل نفسه بالتذكير للناس والدعوة إلى الله تبارك وتعالى، فالدعوة إلى الله أرفع مقامات الدين، وهي مهمة رسولنا الأمين، والسائرين على دربه من المصلحات والمصلحين.
الردود كانت جميلة وكانت واضحة، وأيضا ما كتبته الفتاة فيه وضوح، وأنت الآن أمام خيار، يعني تستطيع أن تعتذر وتسأل الله أن يرزقها من هو خير منك في رسالة واضحة، إذا كنت لم تفكر في هذا الموضوع، أو كان لك مسار آخر، أو تعتقد أن الأسرة يمكن ألا تقبل بهذا النوع من الارتباط؛ فأرجو أن يكون الرد واضحا حتى لا تنتظر هذه الفتاة.
ولا شك أن ما فعلته أيضا لا يخلو من الجانب الشرعي، فالرسالة مؤدبة واضحة، وطبعا ما كنت ترد به ليس سببا، بل كنت واضحا في ردودك، ولكن هكذا يحصل دائما التعلق والإعجاب، وهذه المرة هي أعجبت بالمنشورات التي تنشرها، والكتابات التي تكتبها، والنصائح التي تبثها، وهذا مؤشر يدل على أن الفتاة على خير أيضا؛ لأنها تتابع الأشياء الطيبة والأشياء الجيدة، وأنت صاحب القرار، يعني بنفس المستوى تستطيع أن ترد إما بالاعتذار، أو تعطي نفسك فرصة بأن ترسل أخواتك أو الوالدة، تطلب منها أن تتواصل مع الوالدة أو العمة أو الخالة بعد ذلك، حتى يكون هناك نوع من التعارف الفعلي، فإذا صلحت بعد ذلك فالإنسان يبحث عن صاحبة الدين، والفتاة أيضا تبحث عمن ترتضي دينه وخلقه.
وتصرفك من البداية كان صحيحا، وإلى الآن التصرف صحيح، ولم ترتكب أي ذنب -ولله الحمد-، واستمر في النصح، مع أننا نفضل دائما أن يتولى نصح الفتيات فتاة مثلها، وأن يتولى نصح الشباب شاب مثلهم، ولذلك يعني إذا اضطررت لنصح امرأة فاحرص دائما على ألا تكون على انفراد، والأمر الثاني: إذا كان هناك داعيات معروفات من قريباتك أو بالمراكز الدعوية، ينصح بأن تحول الفتاة إلى تلك الجهات المتخصصة، حتى تستمع الفتاة إلى النصيحة من أخواتها الداعيات، ونسأل الله أن يوفقك ويزيدك حرصا، ويقدر لك ولها الخير، ثم يرضيكما به.
إما أن تعتذر اعتذارا لطيفا، أو تحاول أن تربطها بخالاتك أو عماتك؛ حتى يحصل التعارف، فإن وجدت صلاحا لا مانع من أن تكمل، وهذا القرار متروك لك، وعلى كل حال: إما قبول أو اعتذار لطيف، مع التوقف عن الاستمرار، وأعتقد أن رسالتها واضحة أن هذه رسالة أخيرة، فهي تريد إجابة بلا أو نعم.
نسأل الله لنا ولك التوفيق.