السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنتي عمرها 11 عاما، وبدأت منذ أكثر من عام تسرق بعض المال مني، في البداية كانت مبالغ صغيرة، تكلمت معها بهدوء عند معرفتي بالأمر، ونصحتها باللين، ولكن الأمر ازداد، والمبالغ المسروقة أصبحت كبيرة، واجهتها وعاقبتها بالحبس في المنزل لعدة أيام، وخاصمتها أنا ووالدها، فتوقفت عن السرقة من المنزل، وأصبحت تسرق من منازل إخوتي ووالدتي، وقد اكتشفت الأمر، وقمت بإعادة الأموال لعائلتي دون علمهم أكثر من مرة، وواجهتها، وعاقبتها بعدم ذهابها إليهم، وفي كل مرة تعتذر، وتقسم أنها لن تفعل هذا ثانية، وتعود لتفعل ذلك مرة أخرى!
دائما أذكرها بالخوف من الله، وعقوبة السارق عند الله، مع العلم أنني أعطيها مصروفا شهريا، ولكن قد أعاقبها بالحرمان منه عند ارتكابها أي خطأ، أنا أدعو لها كثيرا، وأحاول تلبية طلباتها في حدود قدراتي المادية، ولكن الأمر أصبح لا يتوقف، وأخشى عليها من توابع استمرار الأمر معها، وأن تسوء سمعتها بين عائلتي إذا اكتشف أحد الأمر، وأنا لا أرضاها أبدا لابنتي، ولا أعرف ماذا أفعل.
أعتذر عن عدم ترتيب حديثي، ولكني في حال لا يعلم به إلا الله، أفيدوني -أكرمكم الله-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يهدئ قلبك، ويصلح حال ابنتك، ونقدر صعوبة هذا الموقف الذي تعيشينه، فالأمر ليس سهلا على أي أم، نود أن نطمئنك أولا أن هذا النوع من السلوك ليس بالضرورة دليلا على سوء طبع، بل قد يكون مرتبطا بعدة عوامل نفسية أو اجتماعية تحتاج إلى معالجة هادئة ومتأنية.
هنا بعض النقاط التي قد تساعدك في فهم ومعالجة الموقف بحكمة:
1. فهم الأسباب النفسية والاجتماعية، ومنها فحص الحاجات العاطفية، فالأطفال في عمر ابنتك يمرون بتغييرات عاطفية ونفسية كبيرة، وقد تكون السرقات تعبيرا عن احتياج داخلي؛ ربما تشعر بالقلق، أو بعدم الأمان، وقد تكون تعاني من ضغوط لم تتمكن من التعبير عنها، أحيانا يقوم الأطفال بتصرفات سلبية لجذب انتباه أهلهم، أو للحصول على عناية خاصة، فربما تحتاج ابنتك إلى إشعار خاص بالحب والاهتمام بطريقة لا تشعرها أنها تعاقب دائما على سلوكها.
2. قد يكون من المفيد عرض ابنتك على أخصائي نفسي أطفال ليساعدها على التعبير عن دوافعها الحقيقية من خلال الجلسات العلاجية، هذه الجلسات قد تكشف عن أسباب نفسية أعمق وراء سلوكها، مثل نقص الثقة بالنفس، أو رغبة في التمرد على قواعد معينة، ويساعدها على تطوير آليات صحية للتعامل مع هذه المشاعر.
3. التحدث بشكل هادئ وبدون لوم مباشر، بدلا من التركيز على العقاب، حاولي أن تستمعي لمشاعرها ودوافعها دون إصدار أحكام، قولي لها أنك تفهمين أنها قد تكون تمر بصراعات داخلية، وأنك هنا لدعمها ومساعدتها على تجاوز هذا التحدي، أيضا حاولي أن تبرزي سلوكياتها الجيدة، وتكافئيها عندما تتصرف بمسؤولية وأمانة؛ حتى تشعر بأن تصرفاتها الحسنة لا تمر دون تقدير.
4. ذكريها بلطف بمكانة الأمانة في الإسلام، وبأن الله يحب الصادقين، واربطي بين الثقة التي وضعها الله في المسلم وبين ضرورة التحلي بالأمانة، تحدثي عن التوبة والتصحيح، وأن الله يغفر للعبد إذا تاب بصدق، كوني أنت ووالدها قدوة حسنة في التعامل المالي، وأظهري لها كيف يمكن للإنسان أن يكون أمينا في ماله وفي كل تعاملاته.
5. شجعيها على إدارة مصروفها الشهري، ووفري لها مساحة لتتعلم كيف تدخر وتتحكم بأموالها، اطلبي منها أحيانا مساعدتك في شراء بعض الحاجيات، أو في توزيع الأموال، ما يعطيها شعورا بالمسؤولية، قومي بتخصيص مكافآت مالية إضافية بسيطة لقاء بعض المهام، مثل ترتيب غرفتها، أو المساعدة في المنزل؛ مما قد يجعلها تشعر أن هناك طرقا أخرى للحصول على المال بجهدها.
6. استمرارك في الدعاء لأجلها هو من أعظم الأعمال التي تقومين بها، فالله هو المغير لكل حال، ومع استمرار التربية والحب؛ سيجعل الله لك من أمر ابنتك فرجا وحلا بإذنه.
نسأل الله أن يعينك ويرشدك إلى الطريق السليم، وأن يرزقك الصبر والحكمة، ويجعل ابنتك قرة عين لك.