السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أود أن أشكركم هذا الموقع النافع، فقد حللتم كثيرا من مشاكلي التي لا أستطيع أن أبوح بها لأحد، سأظل شاكرة لكم طيلة حياتي.
هذه المرة سؤالي قد يبدو غير مهم، لكنه يشعرني بالضيق، أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما، وأحيانا أحتاج إلى بعض الأشياء الضرورية، مثل: مكتب للدراسة في غرفتي، أو ملابس، أو بعض الأغراض المنزلية، وجميع هذه المشتريات تكون من مالي الخاص، وهي أشياء أساسية وليست كمالية، لكن غالبا ما ألاحظ أن والدي -حفظه الله- يظهر استياء عندما أشتري شيئا، سواء من خلال نظراته، أو تعليقاته.
فعلى سبيل المثال: اليوم اشتريت طاولة لغرفتي بسعر مخفض جدا؛ لأنها كانت ضمن التخفيضات، وكنت بحاجة إليها بشدة، عندما رأى والدي الطاولة، قال لي عبارة آلمتني: "لماذا لم تخبريني قبل الشراء؟ كنا سابقا عندما تحتاجين شيئا تستأذنين، ولكنك الآن كبرت، أليس كذلك؟"، وكان يبدو عليه الحزن.
أنا أرى أنه من الطبيعي ألا أستأذن في كل شيء؛ فأنا لم أعد طفلة، ولا أريد أن أزعجه بمثل هذه التفاصيل البسيطة، خصوصا أنها مشتريات أساسية وليست إسرافا، أنا أشعر أن من حقي أن أشتري ما أحتاجه دون الحاجة إلى الاستئذان دائما، وأيضا عندما أستأذنه في بعض الأشياء التي أريدها ولا تعجبه، ينتهي الأمر أني لا أشتري شيئا، فهذا أيضا من أسباب عدم سؤالي.
أعلم أنني مهما كبرت سأظل طفلة في عينيه، أريد أن أشعره أني مهما كبرت سأظل أحتاج إليه، لذلك أشعر بالذنب أحيانا وأتساءل: هل تصرفي هذا يعد عقوقا؟ وهل أخطأت في حق والدي؟ وهل يجب في الإسلام أن أستأذن منه في كل أمور حياتي؟
أرجو توجيهي للصواب، وجزاكم الله خير وبارك فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في الموقع، ونشكر لك الثناء على موقعك، ونحب أن نؤكد أننا نشرف في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونسأل الله أن يعينك على البر.
أسعدنا هذا السؤال الذي يدل على رغبة في الخير، وأنت فعلا -ولله الحمد- وصلت إلى مرحلة فيها النضج وفيها الخير، ولكن دائما الآباء والأمهات -كما يقال، حتى بالنسبة للرجال؛ يظل الرجل طفلا، فإذا ماتت أمه أصبح رجلا، وهذه عبارة تدل على أن الآباء والأمهات لا يروننا كبارا حتى وإن كبرنا، وإن كونا أسرا، ولذلك تطييب خاطرهم له أثر كبير.
وليس معنى هذا أن تسألي في كل صغيرة وكبيرة، ولكن إذا استطعت أن تجمعي بين سؤالهم، أو إعطاء فكرة أمامهم، أو الكلام بأنك بحاجة إلى الشيء الفلاني ثم تشترينه، هذا لعله يلطف الأمر، ولا شك أن الآباء والأمهات يختلفون في نمط تفكيرهم، وفي طريقة تعاملهم مع أبنائهم.
وأرجو ألا تعطي موقف الوالد أكبر من حجمه؛ فمن الجميل أن تستأذني، وإذا اضطررت أن تفعلي شيئا بالطريقة التي فعلتها وعلق الوالد، فأرجو ألا تنزعجي طويلا، ويكفي بعد ذلك أن تقولي: "اسمح لي يا والدي، كنت بحاجة لهذه الطاولة، وثمنها بسيط، وسأحرص على سؤالك -إن شاء الله-"، فالوالد والوالدة دائما حتى لو كان يغضبون بسرعة؛ فإنهم يعودون أيضا بسرعة، وترضيهم الكلمة، ويرضيهم البر صغر أم كبر، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
لا نريد أن تشعري بالذنب، ولا يعتبر هذا الذي حدث عقوقا أبدا، ولا علاقة له بالعقوق، ولم تخطئي في حق الوالد، ولكن الأفضل أن يكون على علم، إن كان يحب ذلك؛ لأن بعض الآباء يريد أن يكون بهذه الطريقة، فالإنسان يتتبع رضا والديه، ويجتهد في أن يسايرهم، ويحسن استماع لكلامهم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
الاستئذان، وتطييب خاطرهم هو الأكمل وهو الأجمل، وأنت -ولله الحمد- تريدين أن تكوني في أعلى درجات البر والإحسان، ولكن هذه المواقف التي حدثت لا تجلدي نفسك، ولا تلومي نفسك عليها، فإنها مواقف عادية، ولا تعتبر من العقوق، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
هذا، وبالله التوفيق.