كيف لي أن أخدم الأمة بدراستي لعلم الفيزياء؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة جامعية في سنتي الأولى، أدرس علم الفيزياء، محبة للدراسة، ولكن أشعر بفتور من هذه الجهة منذ فترة، حفظت القرآن -بفضل من الله وحده-، وأدرس العلم الشرعي، وأرجو بأن أكون من الصالحين المصلحين، وأن أكون سببا في هداية الناس، وأوجه من حولي بالرفق والحكمة، وقد وجدت استجابة منهم -بفضل الله-، والآن كثيرا ما يراودني كيف أنفع أمتي من خلال علم الفيزياء؟ وكنت أطمح بأن أكون دكتورة في علم الفيزياء، ولكن هل هذا سيخدم الأمة بشيء؟

أرجو نصحي في كيفية توظيف ما أدرسه في خدمة الله، وأريد نصائح للمستجدين في الجامعة، فقد كنت من الأوائل في مدرستي، ومحبة للدراسة، ومتميزة في ذلك، أما الآن فأشعر بفتور دراسي، وإذا ما هممت بالدراسة أشعر بنعاس أو تشتت، وبسبب هذا الفتور أصبحت علاماتي سيئة جدا.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

سؤالك يحمل همة طيبة، ورؤية مستقبلية مباركة لخدمة الأمة، من خلال علمك ودراستك، وهذا يدل على نية صالحة، وطموح عال.

وقبل الإجابة، يجب أن نفكر في الأمور التالية:

هناك تداخل بين العلوم الشرعية والفيزياء؛ فالعلوم الطبيعية (مثل الفيزياء) ليست بمعزل عن الدين، فهي وسيلة لفهم سنن الله في الكون، وبالتالي يمكن استخدامها لتقوية الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ولخدمة الإنسانية، ولتوظيف دراستك في الفيزياء لخدمة الأمة، ويمكن اتباع الخطوات التالية:

- اجعلي نيتك في دراسة الفيزياء مرتبطة بخدمة الإسلام والمسلمين، مثل: اكتشاف حلول لمشكلات المجتمع، أو المساهمة في تقدم الأمة علميا.

- ادرسي كيف يمكن أن يكون علم الفيزياء وسيلة لتعزيز الإيمان بالله، كربط الظواهر الكونية بالقوانين الفيزيائية التي تظهر عظمة الخالق.

- فكري في مجالات مثل: الطاقة المتجددة، والفيزياء الطبية، أو التعليم العلمي، حيث يمكنك توظيف الفيزياء لإفادة الناس.

- استخدمي مهارتك في الدعوة لربط الناس بأهمية العلم، ودوره في نهضة الأمة.

- قسمي وقتك، وخصصي جدولا منظما للمذاكرة، مع مكافأة نفسك عند تحقيق أهداف صغيرة.

- انضمي إلى مجموعات بحثية، أو مسابقات علمية، تتيح لك تطبيق ما تتعلمينه عمليا.

- شاركي علمك من خلال إنشاء محتوى علمي، أو عقد ورش عمل، تظهر أهمية الفيزياء في حياتنا اليومية.

- اطلبي التوفيق من الله دائما في كل خطوة، مع الحرص على الصلاة والدعاء لتيسير أمورك.

- استلهمي من سير العلماء المسلمين، الذين جمعوا بين العلم والدين؛ لتجديد حماسك واستمراريتك.

- ادرسي واحفظي الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الكون والطبيعة، واربطيها بما تدرسينه.

تذكري بأنه لا يوجد هناك تعارض بين علم الفيزياء وبين حفظك للقرآن، بل هما متكاملان؛ فعلم الفيزياء يتعلق بدراسة الكتاب المنظور (الكون)، بينما حفظ القرآن يتعلق بدراسة الكتاب المسطور (القرآن)، واحرصي على أن تضيفي لذلك تعلم شيء من مبادئ المنطق والاستدلال، وخاصة ما يسمى بفلسفة العلوم، وهناك باحثون مبرزون في هذا المجال يتميزون بالإحاطة بالأدلة المنطقية والفلسفية، مع الحفاظ على الخلفية الفكرية الإسلامية، وفائدة هذا الحقل تحديدا يعصمك من الغرق في الاستدلالات المادية، والبحوث التجريبية، وعدم ربطها بالوحي؛ لأننا شاهدنا بعض طلاب الفيزياء المسلمين، وقعوا في مستنقع الإلحاد لهذا السبب، وهو عدم إحاطتهم بطرائق الاستدلال العلمي الصحيحة.

ختاما: اعلمي أن ما تقومين به من طلب العلم الدنيوي والشرعي، هو عبادة عظيمة إذا اقترن بنية صالحة، وإن الأمة بحاجة ماسة إلى من يحمل هم نهضتها، ويبدع في مجالات شتى، ويسخر ما يتعلمه لخدمة دين الله، فاستمري في طريقك، واجعلي القرآن هاديك، والتوكل على الله زادك، وثقي أن كل جهد تبذلينه سيكون في ميزان حسناتك، قال الله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ۚ والله بما تعملون خبير) [المجادلة: 11].

فهذه الآية الكريمة تشير إلى مكانة العلم وأهميته، وأن طلب العلم سبب للارتقاء في الدنيا والآخرة، فاستعيني بالله، وانطلقي بثقة، فأنت على طريق الخير -بإذن الله-.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات