الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أيهما أولى وأعلى منزلة: التعبد أم نصرة الإسلام والمسلمين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل العبادة أولى أو العمل أولى؟ بمعنى: إذا افترضنا أن هناك شخصين يقومان بالفرائض، ولكن الأول يقضي الليل في الصلاة، ولا يعمل إلا بقدر ما يطعمه وأسرته، ويقضي باقي يومه في العبادة.

والثاني سخر حياته لخدمة الإسلام والمسلمين، فيعمل في اليوم أكثر من 16 ساعة، فيجمع مالًا كثيرًا فينفقه في سبيل الله، باختلاف أبوابه من الصدقات، وتزويج الأيتام، والإطعام وغيرها، بل وينفق على حملات دعوة الناس إلى الإسلام في البلاد البعيدة، وحفر الآبار ...إلخ، فأيهما أولى وأعلى منزلة في الجنة، التعبد أم العمل لنصرة الإسلام والمسلمين؟ لا شك أن الاثنين معًا أفضل إذا استطاع، ولكن أسأل إذا لم يقدر إلا على واحدة.

بارك الله فيكم ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

جميل آخر سطر تفضلت بالحديث عنه، فالأفضل أن يجمع الإنسان بين العبادات كلها: المتعدية النفع للغير، والمقومة لحاله، لكن إذا كان السؤال بين فضلين:

- فضل العبادة متعدية النفع للغير.
- وفضل العبادة القاصرة: كقيام الليل والصوم.

فلا شك -أخي- أن العبادة المتعدية النفع أفضل، وأكثر أجرًا؛ لأن النفع هنا متعدٍّ، وقد قال صلى الله عليه وسلم -حاثًّا على هذا النوع من الأعمال المتعدية النفع-: (على كل مسلم صدقة، قيل: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قال: قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قال: قيل له: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة).

وأنت -أخي- بهذه النية التي تعمل بها وتعين بها ذا الحاجة الملهوف أو تقضي بها دينًا أو تدفع بها عن المسلم شرًا فلا شك أن هذا أفضل، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته).

وقال صلى الله عليه وسلم: (من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)، وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما شاء).

وهذا الحديث -أخي- قاطع في فضل هذا العمل المتعدي، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلًا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:(يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة، أو تقضي له دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد، -يعني مسجد المدينة- شهرًا).

المهم -أخي- أن حديثنا خاص بنوافل الطاعات، وأما الفرائض فشأن آخر، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً