كيف أصل لمرحلة خشية الله في الغيب والشهادة؟

0 3

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سمعت بعض المشايخ الفضلاء، عندما ينصحون أي شخص لترك المحرمات ونحوه من ذنوب الخلوات، يقولون له: لا تجلس على الجهاز -الهاتف أو غيره- وحدك، وضعه بجانب شخص آخر، ولا تغلق الباب وأنت جالس وحدك ومعك جهازك.

أنا أعلم أن مقصدهم حتى لا يفتح الإنسان الجهاز، ويشاهد المحرمات، ويقع في بعض الآثام، فالإنسان يضعف حينما يكون وحيدا، وهذا أمر طيب وأنا لا أنكره، ولكني لا أريد ترك المحرمات بسبب أن أحدهم معي أو بجانبي، أريد أن أصل لمرحلة الإحسان، وأتركها ولو كان الباب مغلقا، وجهازي بيدي ولوحدي.

فكيف أصل إلى هذه المرحلة، مهما تكررت آثامي في الخلوات؟ ولو وصل الإنسان لهذه المرحلة، هل يؤثم إذا جلس وحيدا ومعه جهازه؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Asma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

قد أحسنت كل الإحسان حين جعلت هدفك وغايتك الوصول إلى مراقبة الله تعالى المراقبة التامة، والتعامل معه في الخلوة كما تتعاملين بحضرة الناس، وهذا هو الإحسان، كما ورد بالحديث: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، أي استحضار مراقبة الله تعالى لك أيها الإنسان، وأن تتعامل مع الله تعالى كأنك تراه، أو تستحضر على الأقل أنه يراك، وهذه الدرجة من المراقبة سهلة يسيرة -بإذن الله تعالى-.

الطريق إليها هي أن يستشعر الإنسان، ويستحضر دائما أسماء الله تعالى وصفاته، فإن الله تعالى بصير يرى كل شيء، سميع يسمع كل شيء، كما قال لنبييه موسى وهارون: (إنني معكما أسمع وأرى)، فتذكر الإنسان لصفات الله أنه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأنه لا تخفى عليه خافية، فالتذكر هذا سيغرس في قلبه الخوف من الله تعالى، والاستحياء منه سبحانه وتعالى، أن يراه على فعل قبيح.

وتذكر إحسان الله تعالى إلى الإنسان يبعثه أيضا على الإحسان، فالقاعدة أصلا: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)، فما دام الإنسان يتذكر جميل الله تعالى، وحسن صنيعه به، فإن ذلك سيبعثه على الحياء من الله تعالى، فحاولي دائما أن تستذكري هذه المعاني، وأن تكثري من القراءة في أسماء الله تعالى الحسنى وشرحها، وذكري نفسك بها، وحاولي دائما أن تستمعي إلى المواعظ التي تذكرك بلقاء الله، والوقوف بين يديه، ونشر الأعمال يوم القيامة، والجنة والنار، فإن تذكر الآخرة يحث الإنسان ويبعثه على العمل الصالح.

وأما ما ذكرته من شأن العلماء والصلحاء، الذين ينصحون الشخص بأن لا يجلس على الجهاز وحده، فمقصودهم كما فهمت أنت، أن في ذلك إعانة له على تجنب الانزلاق وراء خطوات الشيطان، فإن الإنسان يستحيي بحضور الناس أن يفعل شيئا قبيحا، وهذا الحياء نفسه خير، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "الحياء خير كله"، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين"، فما دام الإنسان يستحي من أن يجاهر بذنوبه وسيئاته، فإن ذلك علامة خير فيه، ويرجى له أن يجنبه الله تعالى الشرور بسبب هذا الحياء.

ولكن الدرجة الأكمل بلا شك، وما هو مطلوب من الإنسان المؤمن، هو أن يبقى على مراقبة تامة لله تعالى في الغيب والشهادة، وقد كان من أدعية النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة"، والإنسان العاقل إذا استحضر عظمة الله تعالى، فإنه سيفعل بنصيحة الصالحين الذين قالوا: "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك".

فإذا كان الإنسان يستحيي من الطفل الذي يراه، أو كبير السن الذي يراه، فيمتنع عن فعل القبائح، فإنه إذا استحضر نظر الله تعالى إليه، وتذكر اطلاع الله تعالى عليه، سيستحي من الله، ولن يجعله أهون الناظرين إليه، بهذا سيصل الإنسان إلى المراقبة الكاملة، ومع هذا كله نقول: إن هذه الوصية من الصلحاء، بأن يجنب الإنسان نفسه المطالعة لهذه الأجهزة بمفرده، ما دام يخشى على نفسه، هذه الوصية أمر مهم، وهي إعانة له على تجنب نزغات الشيطان، والانجرار وراء خطواته الخبيثة، فقد حذرنا الله تعالى من اتباع خطواته، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}، وأوصانا الله تعالى في كتابه الكريم بمجالسة الصالحين.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات