التوبة من سيئات الإمارة والسلطة

0 332

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

لقد مارست الإمارة أي السلطة لمدة ثمان سنوات، ثم تنحيت عنها أي قدمت استقالتي منها، واستغفرت إلى الله وتبت إليه وندمت على ما فعلت، ولكن عندما قرأت حديثين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه، أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة).
وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا، لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور).

خفت أن أبعث ويدي مغلولة إلى عنقي أو أن أكون أحد المفلسين.
فهل التوبة تشمل سيئات المعاملات، أي: تجب كل ما قبله؟ أفيدوني وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Albahit حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يستر عيبك وأن يتجاوز عنا وعنك، وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن المسئولية والإمارة من أخذها بحقها أعانه الله عليها ومن أخذها بغير حقها أو لم يقم بواجبها تكون عليه حسرة وندامة يوم القيامة؛ لأنها من الأمور العظيمة التي تترتب عليها مصالح العباد وقضاء حوائجهم، بل والتحكم في مقدراتهم وشتى مناحي حياتهم حتى وإن كانوا عددا قليلا محدودا، ولذلك زهد فيها كثير من أهل الفضل والصلاح والديانة عبر تاريخ هذه الأمة إلى يومنا هذا مخافة عدم العدل أو الوقوع فيما لا يرضى الله تعالى، ولقد قال الحق جل جلاله: (( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ))[الإسراء:71] وورد أن ولاة الأمور يحشرون أمام رعيتهم ليأخذ الله حق الرعية منهم وقلما ينجو من هؤلاء أحد، ولقد ورد أيضا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اشترى مظلمة امرأة بمال آل الخطاب كله رجاء إلا يسأل عن ذلك بين يدي الجبار يوم القيامة، إلا أن الحكم العدل جل شأنه لا يظلم أحدا من خلقه حاكما كان أو محكوما، فمن قام في الناس بما يرضى الله ويوافق شرعه فهو من الذين يظلون بظله يوم لا ظل إلا ظله، ومن الذين يجلسون على منابر النور يوم القيامة إلى غير ذلك من الجزاء العظيم الذي أعده الله لأمثالهم، فإن كنت فترة عملك ورئاستك من هؤلاء العدول، وأنك كنت تبذل أقصى ما تستطيع لتحقيق ذلك فأبشر بخير عظيم ورحمة من الله وفضل، وأن كانت هناك بعض الهنات أو الزلات فأبحث عن أهلها واجتهد في إرضائهم وطلب عفوهم إن عرفتهم، وإن لم تعرفهم فلا أقل من أن تتصدى عليهم وتكثر من الدعاء لهم أو تصنع بعض أعمال البر والوقف وتجعل ثوابها لهم رجاء أن يعوضوا منها يوم القيامة.

واعلم أن هذا العمل الحسي المادي من أركان التوبة؛ لأن من أهم أركانها رد المظالم إلى أصحابها، وأن لم تكن قادرا على ذلك فأصدق النية واجتهد خاصة في ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله وقراءة القرآن وذلك من الأعمال البر والطاعة، وأحسن الظن بالله فهو جل شأنه عن حسن ظن عبده به.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات