السؤال
عرضت الزواج على فتاة وهي وافقت بسبب أني متدين على الرغم من فرق المستوى التعليمي، ولكنها كانت ترغب بفتى يرشدها لبر الأمان، ويمسك بيدها للجنة، لأنها كانت تعتقد بأني متشدد بالدين، وكنا نكلم بعضا إلى أن تحسنت ظروفي وعزمت الزواج ببنت خالتي أو بأي فتاة، فهل ربنا يغفر لي بما فعلته بهذه الفتاة؟ مع العلم بأنها كانت مصادقة لي، وكانت ترغب بالفوز بالآخرة، هل ظلمتها؟.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Rafat حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك وأن يمن عليك بزوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته، وأن يرزقك ذرية صالحة طيبة مباركة، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم رأفت – فإن هذه الفتاة التي عرضت عليها الزواج ووافقت بسبب أنك متدين وكانت ترغب أن تأخذ بيدها لتفوز بالآخرة، فحقيقة مثلها لا يفوت ولا يضيع، لأنها قد تكون ابنة خالتي أو ابنة عمي أو أي فتاة أخرى ليس لديها فكرة عن قضية الدين أصلا أو قضية الإيمان بالجنة والنار غير واردة في حياتها، وإنما لعلها كانت تفكر بأنك ما دمت في الخليج وأنك صاحب أموال كثيرة ستعيش معك حياة ألف ليلة وليلة، ولا تفكر لا في الدين ولا يهمها ذلك كثيرا، بل قد أحيانا تتظاهر بأنها كذلك حتى تظفر بك، أما هذه المرأة التي عرفتك في الله ولله وابتغاء مرضاة الله تعالى وما أرادت منك إلا الجنة، فأنا أرى حقيقة أنها كنز من الكنوز الذي لا ينبغي أن يفوت، إلا إذا كنت ترى أنها لا تصلح لذلك.
فأنا أرى ما دمت قد أخذت بيدها وعرضت عليها الزواج ولمست فيها أنها على قدر من الديانة ومن الممكن أن تتحكم رغم الفرق في مستوى التعليم - وأنا لا أدري أيكما أعلى أنت أم هي – ولكنها كانت ترغب في فتى يرشدها لبر الأمان ويمسك بيدها للجنة، فهذه كانت حقيقة فتاة رائعة - أخي الكريم – فأنا أقول: لماذا لا تفكر بالزوج منها إذا كانت تصلح لك زوجة؟ خاصة وأنت الذي عرضت عليها الزواج، لأنك علقتها بك وجعلتها تتكلم معك وتكلمت معها، وكانت فرحة بك على أنك ستأخذ بيدها إلى الجنة – كما ذكرت أنت في رسالتك – فأقول لك إذا كانت هذه الأخت صالحة فعلا لك ولم تر فيها ما ينفرك منها وليس هناك أي مانع من الموانع التي تحول بينك وبين الزواج بها فأرى أنها أولى من ابنة خالتك وأولى من أي فتاة أخرى ما دمت ستبحث، إلا إذا كان هناك أخي الكريم – فيها من عيب أنت لم تظهره لها أم أنك غير مقتنع بها شخصيا، ولعلك أردت أن تتسلى معها رغم أنك متدين ولا أعتقد أنك تفعل ذلك وحاشاك، والمرأة تعلقت بك لأنك شديد التدين بالنسبة لها وأنك متدين ولله الحمد، فهي ما أحبت فيك إلا هذا الجانب لأنها تظن أنك ستنقذها.
فإذا لم يكن فيها من عيب يمنعك من الزواج بها فهي أفضل من غيرها، أما إذا كان فيها عيب لا تقبل الحياة معها بسببه فلا مانع أن تعتبر الأمر قد انتهى وأن تدعو الله تعالى أن يرزقها خيرا منك وأن تستغفر الله تبارك وتعالى لما حدث منك معها، فلقد كلمتها وما كان يجوز لك أن تتكلم، ولعلك خاطبتها في أمور ما ينبغي أن تقال إلا ما بين زوجين أو ما بين ذوي أرحام، لأنك وعدتها ولعلها لقلة علمها أعطتك ما في نفسها، وإن كان لا يبدو - بفضل الله تعالى - أنكما وقعتما في شيء أكثر من ذلك..
فإذا كنت لا تراها تصلح زوجة لك فلا مانع أن تبحث عن غيرها ممن تصلح لك، شريطة أن يكون الباب الذي ستقبل عليه وتدخله أو الفتاة التي تقبلها على الأقل يوجد فيها الحد الأدنى كهذه الفتاة، أما أن تبحث عن أقل منها فإذن قد ظلمت نفسك؛ لأنه في يدك امرأة على استعداد لتفوز بالجنة وأن تأخذ بيدك إلى رضوان الله تعالى، فمثلها لا يضيع، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم (ولأمة شوهاء قرناء ذات دين أفضل)، وقال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).
فأقول أخي الكريم: إن المروءة تقتضي ألا نتخلى عن الضعاف خاصة إذا كانت فتاة تعلقت بك، إلا إذا كان هناك سبب شرعي وجيه أو سبب أدبي وجيه أو سبب اجتماعي وجيه يمنعك من أن تقترن بها ففي تلك الحال تعتذر لها وتقول لها إني لا أستطيع أن أتزوج بك وأسأل الله أن يغفر لي ولك وأن يرزقك زوجا صالحا، فأنت تستحقين رجلا أفضل مني، وحاول أن تطيب خاطرها وأن تتوكل على الله، وأسأل الله عز وجل أن يكرمك بمن هي خير منها.
معذرة لتكرار كلامي – أخي رأفت – فإذا لم تكن ابنة خالتك في مستواها خاصة في جانب الدين فأرى ألا تترك هذه الفتاة وأن تتوكل على الله لأنك تزوجتها لله ومن أجل الله، ولعلها تكون امرأة مباركة يوسع الله بها رزقك وييسر بها أمرك ويكثر بها نسلك ويرفع بها شأنك ويرفع بها مقامك عند ربك، وما يدريك فقد تكون امرأة بسيطة متواضعة يجعلها ربك سببا في سعادة أسرتك أنت وذريتك، وتكون ذريتك ذرية مباركة، وانظر إلى هذه المرأة (امرأة عاصم) التي زوجها عمر – رضي الله تعالى عنه – لابنه (عاصم)، وهي ابنة بائعة اللبن، كيف كانت بركة على الأمة وأخرج الله من نسلها (عمر بن عبد العزيز) خامس الخلفاء الراشدين – رضي الله تعالى عنه – كما وصفه العلماء.
أسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يعينك على نصف دينك، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تعينك على غض بصرك وحفظ فرجك وتحفظك في غيبتك ويبارك الله لك بها في مالك وولدك.
والله ولي التوفيق.