السؤال
كنت مع شباب في منتهى السوء، وكانوا دائما يحرضونني على الخطأ، وجعلوني أقف مع فتيات في منتهى السوء، وجاء يوم فتركتهم، حتى قالوا لأبي عما كنت أفعله، وأبي الآن عندما يراني يسبني ولا يطيق رؤيتي، فماذا أفعل حتى يرضى أبي عني ثانية؟
أتمنى من الله أن تجيبوا على سؤالي ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نعيم الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك (استشارات الشبكة الإسلامية)، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، فنحن سعداء حقا باتصالك، ونسأله تبارك وتعالى أن يغفر لك وأن يتوب عليك وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يعيد إليك ثقة والدتك فيك، وأن يجعلك من الشباب التقي الورع الذي يخدم دينه وينفع أمته، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك – ولدي الكريم نعيم الله – فإنك تعلم أن الإنسان منا له الظاهر من الأفعال والتصرفات، حتى النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (لنا ما ظهر منهم ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل)، فوالدك – حفظه الله – عندما سمع هذا الكلام عنك وعندما أخبره هؤلاء الشباب بأفعالك ساءه أن يحدث منك هذا الأمر وأحزنه قطعا ذلك؛ ولذلك أراد أن يتوقف عن إحسان المعاملة معك، وأن يغير طريقة التعامل معك أولا من باب الزعل عليك والغضب منك وعدم الرضا عن تصرفاتك.
ثانيا: أن والدك يظن أن هذا هو الطريق الأفضل لتأديبك؛ ولذلك أقول ولدي الكريم: إن والدك من عامة المسلمين، فهو معذور لأن غالب الآباء لم يتلقوا القدر الكافي من التربية التي تعينهم على كيفية علاج المشكلات التي يقع فيها أبناؤهم، فوالدك شخص عادي تأثر بما تأثر به عموم الآباء، وأحزنه ما وصل إليه من أخبار سيئة من تصرفاتك التي لا ترضي الله تعالى، وبالتالي لا ترضي والدك، وهذا هو سبب تغير معاملته لك.
الله تبارك وتعالى وعد وعدا في القرآن فقال جل جلاله: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))[الرعد:11]، فإذا أردت أن ينظر الله تبارك وتعالى إليك وأن تتغير نظرة والديك إليك وأن تتغير نظرة إخوانك إليك والمجتمع؛ فما عليك إلا أن تغير سلوكك يا ولدي، أن تعود من المعصية إلى الطاعة، وأنا واثق بأنك لو استقمت على منهج الله وتركت هذه الشلة الفاسدة وهؤلاء الشباب السيئين، وبدأت تبحث عن صحبة صالحة، وبدأت تجتهد في الأعمال الطيبة، ورآك والدك حريصا على الصلاة ومواظبا عليها في المسجد، وتقرأ القرآن، وتلتزم بالسنة، ومتفوقا في دراستك، فأنا واثق أن كل شيء سوف يتغير.
إذن الأمر كله عندك وأنت المسئول الوحيد عن تغيير هذه الصورة، وأنت أيضا القادر الوحيد على تغييرها، يعني: مهما حاول بعض الناس أن يتدخل بينك وبين والدك فلن يستطيع أن يغير من الأمر شيئا، هذا الواقع يتغير بك أنت؛ لأن والدك كان يحبك وكان يحترمك ويقدرك عندما لم يكن يصل لعلمه أي خبر سيء عنك، أما متى تغيرت هذه العلاقة وهذه الطريقة؟ عندما وصل إليه أن تصرفك غير سوي ولا مستقيم ولا صحيح.
إذن - بإذن الله تعالى - عندما ترجع إلى ما كنت عليه وتجتهد في أن تري الله تبارك وتعالى من نفسك خيرا وأن تري والدك ما يسره، أعتقد أن المعاملة الطيبة سوف ترجع وأن الثقة سوف تعود إلى مكانها، وسوف تسعد – إن شاء الله تعالى – برضوان الله تبارك وتعالى عليك، ثم تسعد كذلك أيضا برضا والديك عنك؛ لأن رضا الله من رضا الوالدين وسخط الله من سخط الوالدين.
إذن ابدأ – ولدي – من الآن في عمليات التغيير فورا، اقطع علاقتك مع هؤلاء الشباب مطلقا، ولا تقف مع أي فتاة أيا كان دينها حتى وإن كانت من الصالحات، اقطع العلاقة مع البنات بأي صورة من الصور، وكما ذكرت لك: حافظ على الصلاة في جماعة، واجتهد على أن تكون مع المسلمين في المسجد، احضر حلقة ذكر ومجالس التعليم والندوات والمحاضرات، حافظ على سنة النبي عليه الصلاة والسلام، أطع والديك في كل أمر يأمرانك به ما لم يكن معصية لله عز وجل، وحاول أن تتبسط، تحل بالصبر وحسن الخلق، لا ترفع صوتك لأتفه الأسباب ولا تغضب لأي أمر من الأمور التي لا تستحق الغضب، وإنما كن إنسانا وديعا، وكن إنسانا رفيقا، وكن إنسانا هادئا، وكن إنسانا متواضعا، وأحسن إلى والديك وكن دائما معهما، وبذلك أنا واثق بأنك – إن شاء الله تعالى – سوف تنجح في كسب رضا الله تعالى ثم في كسب رضا والديك عنك، وستعود المياه إلى مجاريها، وسترى خيرا من التعامل الطيب مع والديك، وكما ذكرت: أعلم بأن الله قال: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))[الرعد:11]، فغير من سلوكك يا ولدي تتغير علاقتك مع الله وبالتالي تتغير علاقتك مع والديك وتحيا حياة طيبة مباركة، وأتمنى أن تخبرنا - بعد أن تطبق هذا – بالنتيجة، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله ولي التوفيق.