السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
أنا فتاة عمري 23 سنة، وقد أنهيت دراستي منذ سنتين ولله الحمد، وبحثت عن عمل لكنني لم أوفق لأني لم أحصل على خبرات أو مهارات، وظروفنا المادية لا تسمح أن ألتحق بدورات حتى أجد عملا مناسبا.
علما بأنني أعيش مع أمي ولدي أخوان أكبر مني، وقد توفي والدي منذ أربع سنوات، ومستوانا المادي محدود جدا لكن أمي وأبي أصروا على تعليمنا، والناس يقولون أن شخصياتنا ممتازة وأخلاقنا عالية، ولكن المشكلة تكمن في عدم حصولي على عمل، وعدم تحقيقي لأي شيء في حياتي، رغم أن كل من هو في مثل سني يعملون أو تزوجوا، ولم يتقدم لي أحد حتى الآن، وليس لدينا القدرة المادية لتحمل تكاليف زواجي.
وقد بدأت أغير من صديقاتي لأنني أريد أن أكون مثلهم، لأنهم ليسوا أفضل مني في شيء، ومما يزيد من حزني هو كلام الناس عندما يقولون متى سنفرح بك، وأمي طوال الوقت تتمنى لي ابن الحلال، ولا أعرف ماذا أفعل، وصرت لا أريد مقابلة أحد، وأتجنب الكلام مع أحد بسبب هذا الموضوع، وحتى صديقاتي اللاتي كنت أحب أن أراهن وأجلس معهن صرت أكره كلامهن ولا أريد الحديث معهن، وتزداد وحدتي وعزلتي وعدم ثقتي في نفسي يوما بعد يوم، فكيف أخرج من هذه الحالة؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك وأن يعجل بزواجك وأن يرزقك زوجا صالحا يغير واقعك وحياتك ويكون عونا لك على طاعة الله ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الفتاة التي أنهت عمليتها التعليمية بنجاح والتي أثبتت وجودها خلال هذه المراحل الدراسية المتعاقبة إنها لفتاة عظيمة حقا، ولقد حباها الله تبارك وتعالى قدرة على النجاح وقدرة على تخطي العقبات وقدرة على اجتياز الاختبارات والامتحانات، فلقد أكرمك الله تبارك وتعالى بنعم عظيمة، وأنت إنسانة تستحقين كل خير، ولكنك تعلمين أن الله جل جلاله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وتعلمين أيضا أن دوام الحال من المحال، والدك كان بينكما - عليه رحمة الله تعالى - ثم انتقل إلى الدار الآخرة، وأنت الآن في بيت أمك وبين إخوانك، وعما قريب ستنتقلين أيضا من بيتك إلى بيت زوجك؛ لأن هذه سنة الله الماضية، ولكن الله قال: (( لكل أجل كتاب ))[الرعد:38]، فكل شيء محدد له وقت في علم الله تبارك وتعالى قبل خلق السموات والأرض.
ولعل زواجك قريب، وهذا كله في علم الله أن هناك من سيتقدم إليك في وقت محدد حدده الله تعالى؛ لأن الله جل جلاله لا يضيع أهله، ولأن الله تبارك وتعالى يحب الصالحين، وأنت ولله الحمد والمنة على خلق ودين ولست من أهل التصرفات الشائنة، فمثلك عملة نادرة وسلعة مطلوبة، ولكن الأمر فقط أنه لم يأت الوقت الذي قدره الله تعالى، وما زلت في عمر مناسب، فلا يتطرق اليأس إلى قلبك.
وأما صويحباتك اللاتي تزوجن قبلك فقطعا كل واحد منا أعطاه الله ما لم يعطه لغيره، فهؤلاء قد يكون الله تبارك وتعالى شاء لهن ذلك، ولكن من أدراك أنك لن تكوني أسعد منهن، قد يأتيك زوج أفضل من أزواجهن جميعا يعوضك عن تلك الأيام الخوالي التي مرت بك ويجعلك من أسعد نساء الدنيا، فهذا بقدر الله تعالى، ولكن يحتاج هذا إلى دعاء وتضرع وابتهال إلى الله.
فلا تشغلي بالك بهذه المسألة كثيرا، وأبشري بفرج من الله قريب، ولا تشغلي بالك بما صار لأخواتك فهذا قدر الله، وأنت تعلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)، فاهدئي واطمئني ولا تلقي بالا لهذه الأشياء وعالجيها بالعلم بقدر الله وقولي لنفسك عندما تتألب عليك وتؤلمك: (لو كان في الزواج خير في هذه الأيام أو قبل ذلك لقدره الله لي؛ لأن الله يحبك أكثر من حب أمك وأبيك لك، بل ويحبك أكثر من محبتك لنفسك ولا يقدر جل جلاله إلا الخير، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الخير كله في يديك والشر ليس إليك)، فلا تتأزمي نفسيا بسبب هذا؛ لأن هذا كله قدر الله، وأنت أهل لأن يكرمك الله تبارك وتعالى بما أنك فتاة صالحة ومستقيمة وليس فيك من عيب وجامعية أيضا، وفيك مواصفات رائعة وجميلة ومقبولة، وبإذن الله سيأتيك الفرج قريبا.
ولا تلقي بالا بالكلمات التي تقولها الوالدة أو الخالات والعمات والجيران عن تأخر الزواج لأن سنك ما زال صغيرا، وهذه أمور عادية ليس معناها العتب وليس معناها الإنكار لتأخرك وإنما معناها أنهم يحبون لك الخير، فاستقبلي هذا الكلام بانشراح نفس، فإن هؤلاء يحبون لك الخير فإذا ما قالوا ذلك فقولي أسألكم الدعاء، واطلبي من أمك أن تدعو لك وأنا أعلم أنها لن تقصر لأنها أحرص على مصلحتك من نفسك، ولكن اسأليها أيضا الدعاء وأن يرزقك الله زوجا صالحا يكون عونا لك على طاعة الله ويوفر لك حياة أسرية مستقرة.
وعليك بكثرة الاستغفار لأن الله جعل الاستغفار فرجا ومخرجا من كثير من الأزمات، وعليك بكثرة الصلاة على النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم لأن الله جعلها سببا لتفريج الهموم أيضا، ثم لماذا لا تبدئين في مشروع حفظ القرآن الكريم، ولو كل يوم آية أو آيتين، حتى تشغلي هذا الفراغ، ولماذا لا تبدئين مشروعا من الآن في فقه الحياة الزوجية، فاطلعي على هذه الكتب التي تتكلم عن طبيعة علاقة المرأة مع زوجها، وهناك كتب كثيرة في ذلك، فحولي الفراغ إلى طاقة خلاقة مبدعة، حفظ القرآن الكريم، شيء من كتب السنة، شيء من كتب العقيدة، شيء من الحياة الزوجية وفقه وفن التعامل مع الزوج، وعما قريب سيأتيك الزوج وستكونين زوجة رائعة.
نسأل الله أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك وأن يمن عليك بزوج صالح عاجلا غير آجل، إنه جواد كريم.
وبالله التوفيق.