السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا شاب عمري 20 عاما، وكنت من الطلاب المتميزين في الدراسة الابتدائية والإعدادية وفي مراحل الثانوية الأولى، لكني تعرفت في الثانوية على أصدقاء انجرفت معهم في تيارهم، وأصبحت مثلهم لا يهمني شيء في هذه الحياة سوى إضاعة الوقت والجري المحموم وراء الأشياء التافهة والرخيصة من إهدار الوقت مع الفتيات ومواقع الإنترنت الإباحية، لأصحو على نفسي وقد رسبت مرتين في الثانوية، بعد أن كان حلمي منذ الصغر هو دخول كلية الشريعة الإسلامية، فهدمت ذلك الحلم الجميل بيدي وبأفعالي.
وينتابني الشعور دائما بالخجل من نفسي ومن أسرتي على ما كنت أفعل، ولأنني ولله الحمد صحوت - وإن كنت متأخرا في هذه الصحوة بعض الشيء - لأبتعد عن أصدقائي وعن كل شيء كنت أفعله، فلم أعد أخرج مع الفتيات وابتعدت عن مواقع الإنترنت لكي أبدأ حياة جديدة بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكنني فقدت الثقة بنفسي حيال الدراسة وتجاه قدرة نفسي على أن أستمر في الطريق الصحيح، وقدرتي على أن لا أعود ثانية إلى سابق عهدي، وأنظر إلى حالي وما وصلت إليه فأشعر بالعجز واليأس، وفقدت ذاك الاشتياق إلى الدراسة وقلة العزيمة.
وقد قررت أخيرا في إعادة الثانوية والبدء من جديد، ولكن الشعور بالذنب والضيق ينتابني دائما، فلم أعد مثل ذي قبل، فقد قل خروجي من المنزل وقل نشاطي وحيويتي، ولم أعد أضحك ولم أعد أسأل عن حال أهلي وإخوتي، وأحبس نفسي لأيام معدودات في غرفتي ولا أخرج منها إلا للأكل، فأعينوني ببعض النصائح والإرشادات لأظل على الطريق المستقيم.
وفقكم الله وأعانكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل، وصداقة الأشرار تعدي وتؤذي، وقد قيل: (قل لي من تصادق أقل لك من أنت)، وشوهد إلى جوار مالك بن دينار كلب أسود فقيل له: ما هذا أبا يحيى؟ فقال لهم: هذا خير من جليس السوء.
وقد أسعدني شعورك بالمرارة وإحساسك بخطورة الوضع، وهذه هي أول وأهم خطوات التصحيح، كما أن عودتك إلى الله هي الأساس، وأبشر فإن التوبة تجب ما قبلها، والله سبحانه يفرح بتوبة عبده، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وأرجو أن تعلم أن صدقك في التوبة وإخلاصك في الأوبة يحول سيئاتك القديمة إلى حسنات، قال الله تعالى: (( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ))[الفرقان:70].
وقد أعجبتني شجاعتك وقوة الإرادة التي وهبك الله، وهي السبب الرئيسي بعد توفيق الله في الخروج من النفق المظلم، وأحسب أنك تجاوزت المرحلة الصعبة، فلا تحبس نفسك خلف الجدران وابحث عن الصالحين من الإخوان، وتعوذ بالله من الشيطان، فإنه لا هم له إلا أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئا إلا بما قدره مالك الأكوان.
وأرجو أن تعلم أن كثيرا من الناس يخطئ ويذنب ولكن السعيد هو الذي تدركه غاية الله فيتوب، والتوبة تمحو ما قبلها، وأرجو ألا تتحرج من الناس، فقل أن نجد إنسانا بلا ذنوب، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ونحن ننصحك بعدم الاستجابة للمشاعر السلبية، واتق الله واصبر فإنه سبحانه يحب التوابين، وإذا ذكرك الشيطان بأيام الغفلة فاحرص على أن تجدد التوبة، فإن ذلك يحزن هذا العدو ويدفعه للفرار، واعلم بأن هذا العدو يحزن لتوبتنا ويتحسر لاستغفارنا ويبكي إذا سجدنا، فعامله بنقيض قصده.
وأما بالنسبة لمواصلة الدراسة فهذا قرار شجاع وصواب، وتنفيذه سهل إن شاء الله، وكثير من الناجحين تصيبهم الأزمات والنكسات لكنهم تجاوزوها بصدق العزيمة وكمال التوكل على الله، وجعلوا محطات التوقف مجرد ذكريات واستفادوا من الأخطاء فلم يكرروها، والمؤمن لا يلدغ من الحجر الواحد مرتين، وأنت ولله الحمد قادر على تجاوز كل ما حصل، فتوكل على الله عز وجل.
وبالله التوفيق.