السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة غير متزوجة أبلغ من العمر (34) سنة، وقد أصبحت أشعر بالفراغ بعد زواج أختي الصغرى، ولا أشعر بالانسجام مع إخواني الذكور، وقد لاحظت أمي ذلك بعد أن أخبرتها بأني أريد أن أرتاح من هذه الدنيا، وقد أصبحت أشعر بهذا بعد أن رفضني خطيب عرفتني عليه إحدى قريباتي، وكانت حجته أني كبيرة السن رغم أنه يبلغ (48) سنة، وله وظيفة مستقرة، وغير متزوج وله سكن.
علما بأني محجبة ولم أرتبط بعلاقة مع أي شاب طيلة حياتي، وحاصلة على شهادة ومقبولة شكلا، وجامعية، غير أن وظيفتي غير مستقرة، وقد عزوت ذلك إلى أني غير بشوشة ومنطوية ومكتئبة، بالإضافة إلى كبر سني، فما رأيكم؟!
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن السعادة لا ترتبط بالزواج ولا بالمال ولا بالوظائف، ولكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة الراضية بقضاء الله وقدره المتمسكة بشرعه، وليست كل متزوجة سعيدة ولا كل صاحب مال سعيد.
ولا يخفى على أمثالك أن نعم الله مقسمة، فهذه أعطاها الله عافية وحرمها من الزواج، وأخرى أعطاها الله زوجا وحرمها من المال والولد، وثالثة أعطاها الله مالا وزوجا وحرمها من العافية، والسعيدة التي تعرف نعم الله عليها لتؤدي شكرها، وبالشكر ينال الإنسان المزيد.
ونحن نتمنى أن تشغلي نفسك بالطاعات، واهتمي بعملك واحشري نفسك في زمرة الصالحات، واعلمي أن لكل واحدة منهن أخا أو ابنا أخا أو محرما يبحث عن زوجة، وإذا تزوجن أخواتك أو زميلاتك فلا تتأثري بذلك، واسألي من وفقهن أن يوفقك، وهكذا شأن المسلمة.
ولما وجد نبي الله زكريا عليه السلام نعم الله تنزل على مريم فرح بها وتوجه إلى من وهب مريم قائلا: (( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ))[آل عمران:38]، فجاءته الإجابة على وجه السرعة، والله سبحانه وتعالى يقول: (( واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ))[النساء:32].
واعلمي أن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث فيه إلا ما أراده الله، ولكل أجل كتاب، وأنت ولله الحمد مؤهلة ومقبولة، وسوف يأتيك ما قدره لك الله في الوقت الذي يحدده العظيم سبحانه.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن لا تتفوهي بمثل تلك العبارات كقولك: أريد أن أرتاح من الدنيا، لأنها قد تدل على عدم الرضا بقضاء الله وقدره.
والدنيا هي مزرعة الآخرة، والمؤمن مطالب أن يسأل الله طول العمر مع العمل الصالح، وليس له أن يتمنى الخلاص لضر نزل به، ولو كان الأمر مجرد موت لكان الموت راحة كل حي، ولكننا بعد الموت نسأل ونحاسب، وما طاب الموت إلا لمن أحسنوا العمل وتوجهوا إلى الله عز وجل، ومرحبا بك في موقعك مجددا، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وبالله التوفيق والسداد.