السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 18 سنة، وأعتقد أنني ما زلت أعاني من المراهقة، ولا أعرف ماذا أريد؟ وحتى المراهقة عندما تعجب فإنها تعجب بشخص واحد وليس عشرة، ولكني أدقق في أي شخص أراه، ورغم أنني كثيرا ما أخطئ في عدة أشياء إلا أنني بسيطة وعادية في شكلي، ولا أعرف لماذا يعجب بي نفس الأشخاص الذين أعجب بهم؟ ولا يحصل شيء محرم ولله الحمد لأنني أتهرب من كل أحد أشعر أنه معجب بي، وقد حاولت الخروج من هذه الدائرة لكني تعبت، ولا أعرف ماذا أفعل، وأريد أن يكون اختياري لحبيبي وزوجي هو الشيء الوحيد الذي أكون متأكدة منه يقينا، فانصحوني.
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن شريعة الله تجعل أمر اختيار شريك العمر للفتاة وللفتى، ولكنها تضع المعايير للصلاح، وأولها الدين والأخلاق والأمانة، وتهتم الشريعة أيضا بحصول القبول التام، وتركز على الأسرة؛ لأن استقرار الشاب، والفتاة له علاقة كبيرة بنجاح واستقرار الأسرة التي خرج منها، بل إن شريعة الله تريد منك أن تستخيري ربك ثم تشاوري العقلاء والفاضلات من أهلك ومحارمك، وعليهم أن يشاركونك في التأكد من أخلاق من يتقدم إليك.
وأرجو أن تقدمي في مسألة الاختيار العقل على العاطفة؛ لأن رحلة الحياة طويلة، وجمال الباطن مطلوب، وهو المقصود بالدين والأخلاق والأمانة.
ومن هنا يتضح خطورة ما تقومي به من إطلاق للبصر، حيث يتعب ولا ينفع، وينتج عنه تسرع في الإعجاب ثم الهروب، والسلامة لا يعدلها شيء، والإنسان إذا أطلق بصره تتعبه المناظر، كما قال الحكيم الشاعر:
فإنك إن أرسلت طرفك رائدا *** لـقـلـبـك أتـعبتـك الـمنــاظـر
رأيت الذي لا كـله أنـت قادر *** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
والفرق كبير بين الإعجاب وبين الحب، بل إن الحب الحقيقي لا يحصل إلا بعد الرباط الشرعي، وأما ما يحصل بين الشباب والفتيات فهو لون من النفاق والمداهنة وإظهار الإيجابيات والاجتهاد في إخفاء السلبيات.
وهنا تتجلى عظمة الشريعة التي تريد للمرأة أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، وتدعوها أن لا تقبل إلا بمن يأتي البيوت من أبوابها ويقدم صداقا يدل على صدقه، ويعرض قبل ذلك على أسرة الفتاة أن يسألوا عنه وأن يأتي بأهله لحصول التعارف ثم التآلف.
ولا يخفى عليك أن الشريعة تجعل للأولياء والأهل دور ومشاركة، وذلك لأن الرجال أعرف بالرجال، كما أن الرجل لا يحترم المرأة التي يخطبها من نفسها وتقدم له التنازلات، وكيف يحترم من قابلته في الخفاء وخانت دينها وأمانتها وأهلها؛ لأن الأولياء هم مرجع الفتاة إذا مات الزوج أو طلق، ولذلك جعلت لهم الشريعة دورا في التوجيه والنصح، لكن القرار بيد الفتى أو الفتاة، فلا تزوج البكر حتى تستأذن، وإذنها صماتها، والثيب أحق بنفسها من وليها.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ومرحبا بك في موقعك، وكم نحن سعداء باستشارتك، وسوف نكون في خدمة شبابنا وبناتنا لأنهم أمل الأمة بعد توفيق الله، نسأل الله أن يقدرك لك الخير ثم يرضيك به.
وبالله التوفيق.