السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أنني تخرجت منذ سنتين، وللأسف لم أجد الوظيفة الملائمة لقلة الوظائف، وأنا بصراحة تخصصي يلزم أحيانا التطوع في جمعيات، ولكن هناك الاختلاط كثير وغير مستحب، وأنا أرفض، ولا أعرف ماذا أفعل؟! وأنا بصراحة الوحيدة بين صديقاتي التي لم تتوظف أو تتزوج، مع أني - والحمد لله - ملتزمة بالدين، ولكن بعد التخرج والجلوس بالبيت أصبحت أفكر بالمستقبل كثيرا، أرى أشخاصا عاديين وفقهم الله وأعطاهم وظيفة أو تزوجوا، وأنا أتمنى نعمة واحدة، والمجتمع يلقي عليك اللوم إذا لم تكن تعمل أو تتزوج بعد التخرج.
مللت من الفراغ مع أني أشغله بهوايات مفيدة، ولكن لا أعرف إلى متى؟! هل أنا مقصرة تجاه الله سبحانه وتعالى؟ ماذا أفعل؟ أشعر بأن الحياة تعطي أشخاصا ما يريدون ولا تعطي أشخاصا آخرين!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن المعطي هو الله وحده، وعطاء الله للشخص من أمور الدنيا ليس فيه دليل على حب الله للشخص، فالله سبحانه يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، لمن يؤمن ولمن يكفر، ولا يعطي الدين إلا لمن أحبه، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها جرعة ماء، وهو سبحانه لم يرض أن تكون الدنيا ثوابا للطائعين، وقد قال في كتابه: (( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ))[طه:131] ثم قال: (( ورزق ربك خير وأبقى ))[طه:131] ورزق ربك من الدين والصلاة والصلاح خير وأبقى.
كما أرجو أن تعلمي أن نعم الله مقسمة، فهذه تعطى جمالا، وهذه تعطى مالا، وثالثة تتزوج وقد تحرم العافية، والسعيدة هي التي تعرف نعم الله عليها لتؤدي شكرها فتنال بشكرها المزيد، قال تعالى: (( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ))[إبراهيم:7] وتحافظ بشكرها للمنعم سبحانه على ما أولاها من النعم، ولذلك كانوا يسمون الشكر بالجالب للنعم ويسمونه الحافظ، ولا داعي للانزعاج، وسوف يأتيك ما قدره لك الوهاب، وكوني واثقة أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، مع ضرورة إظهار الرضا بقضاء الله وقدره، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وأرجو أن تشغلي فراغك بالمفيد وتلاوة كتاب ربك المجيد، وعليك بالهوايات النافعة، وتجنبي الوحدة، وجالسي الصالحات؛ فإن لكل واحدة منهن أخ يبحث عن صالحة أو خال أو عم يتطلع إلى أمثالك من صاحبات الستر والحياء.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
والله أعلم.