أتعذب كي أحفظ ولا أستوعب ما أدرسه وأنسى سريعا، هل من حل؟

0 472

السؤال

عيد فطر سعيد جعله الله عز وجل مباركا عليكم.

أرجو أن أجد الحل من حضرتكم فأنا أكاد أجن من حالي.

أعاني من الاكتئاب والقلق، وأكمل تعليمي بعد أن انقطعت عنه لسنوات طويلة.

مشكلتي أني أعاني عندما أذاكر من عدم استيعاب ما أدرسه، والحفظ بطيء، وأتعذب كي أحفظ، وبعده أنسى بسرعة البرق، والمشكلة التي تتعبني أكثر وتجعلني أتساءل هل أنا طبيعية عدم مقدرتي على كتابة التعبير، أعجز بالفعل عن كتابته، وأتعرض لمواقف لا أحسد عليها، فعقلي خاو، وحتى إن قرأت فأنا أجد صعوبة في الفهم وأنسى بسرعة ما أقرؤه، لقد أجريت اختبار تحديد نسبة الذكاء، وكانت النتيجة جيدة جدا.

احترت في أمري، حتى الكلام لا أستطيع أن أعبر عن ما أريد قوله، فكيف بالكتابة باللغة العربية؟ قد تجدون مشكلتي تافهة وحلها بسيط، لكني والله أتعذب لدرجة أني توقفت عن تعليمي السنة الماضية بسبب ما أعانيه من اكتئاب وقلق وعجز في المذاكرة، فهل من حل لي؟

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ المهتدية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية، فأنت لك استشارات سابقة ومشاركة سابقة، وجزاك الله خيرا على تهنئتنا بالعيد، ونسأل الله تعالى أن يعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير والبركة.

أنا أقدر جدا شكواك ومدى إصابتك بالقلق والاكتئاب، وربما تكون الظروف الحياتية السلبية التي عشتها كانت ذات انعكاس سلبي عليك، ولكن الذي أرجوه منك هو أن تعيدي تقييم ذاتك مرة أخرى، فأرجو أن تنظري إلى نفسك بصورة أكثر إيجابية، وسوف تجدين أن هنالك الكثير من المقدرات والكثير من الإمكانات النفسية والجسدية والفكرية التي تتمتعين بها، ولكن القلق حبس عنك الاستفادة من هذه المقدرات، وبتحقيرك للقلق والإصرار على الإنجاز وعلى الفعالية سوف تتحسن الأمور كثيرا.

أمر آخر: وهو أنه لابد أن تضعي هدفا، ويجب أن يكون هذا الهدف واضحا، وفي حالتك الهدف هو التميز في الدراسة والتخرج بشهادة جيدة، إذن كيفية الوصول لهذا الهدف هي أن تعلمي دائما أن الوسائل التي توصل الإنسان للهدف يجب أن يطبقها الإنسان، والوسيلة الوحيدة في هذه الحالة هي بناء الرغبة الأكيدة في التحصيل الدراسي، وهذه مهمة جدا؛ فبناء الرغبة هو من أفضل الوسائل التي تجعل الإنسان يستوعب، فالشيء الذي نحبه سوف نقربه إلينا، والأشياء التي نكرهها سوف نلفظها ونحاول أن نبتعد عنها.

أما بالنسبة لضعف التركيز لديك فأعتقد أن القلق والاكتئاب هي من العوامل الرئيسية لهذا الضعف في التركيز، أنت لا تعانين من أي خلل في الذاكرة ولا تعانين من أي مشكلة في الذكاء كما ذكرت، ولكن يعرف تماما أن القلق والتوتر يضعف من مقدرة الإنسان على استقبال المعلومة وعلى تحليلها وعلى تشفيرها وعلى تخزينها في مركز الذاكرة لإخراجها في الوقت المناسب من أجل الاستفادة منها.

هذه العملية الخاصة بالذاكرة قد تضطرب لدى مرضى الاكتئاب ومرضى القلق النفسي، كما أننا أيضا نلاحظ اضطرابها في بعض الحالات العضوية مثل الضعف في الغدة الدرقية، وأنا أحسب أنك لا تعانين من ضعف في الغدة الدرقية، ولكن سيكون من الجيد والجميل جدا أن تقومي بفحص وظائف الغدة الدرقية، وهو فحص بسيط جدا.

يأتي بعد ذلك الأمر الضروري والهام جدا وهو أن تنظمي وقتك، فإدارة الوقت وتنظيمه بصورة صحيحة وتقسيم اليوم والليل بصورة واضحة والالتزام بالزمن الذي حدده الإنسان لأي نشاط يعتبر هو مفتاح النجاح، ومن الأشياء الضرورية لتحسين التركيز هي أن يأخذ الإنسان قسطا كافيا من الراحة.

إذن لابد أن يكون للراحة نصيب في طريقة توزيعك لوقتك والاستفادة من زمنك. أيضا ممارسة التمارين الرياضية البسيطة تساعد، والترفيه عن الذات بما هو مقبول وبضوابط لا تخل أيضا تساعد، والتواصل الاجتماعي أيضا تساعد، وتخصيص بالطبع وقت معين للمذاكرة كلها أمور ينبغي أن توضع في الحسبان.

وهنالك أوقات نعتبرها أوقات خيرة وطيبة للاستيعاب، المذاكرة بعد صلاة الفجر من الأوقات الطيبة جدا، ولي - الحمد لله - تجارب خاصة في ذلك طوال سنين دراستي وحتى الآن.

هذه نقطة ضرورية جدا، وهي تخير الأوقات التي تكون فيها الرغبة موجودة والقدرة والمقدرة على الاستيعاب، فأرجو أن تعيري هذا الأمر اهتماما خاصا.

أنت تقولين أنه ليس لديك القدرة على التعبير، من الذي قال لك هذا؟ هذا الحكم ربما فيه ظلم وقسوة كبيرة على نفسك، فلا تحطين من قدرك بهذه الصورة، فأنا قد تلمست من تعبيرك في رسالتك تعبيرا معقولا جدا ومقبولا جدا، ولتحسين المقدرات عليك بالاطلاع، وعليك بأخذ القدوة الحسنة من الأشخاص المتحدثين والمتفوهين والذين لديهم معلومات كثيرة، وحاولي الاطلاع، وعددي مصادر المعرفة ومصادر الاطلاع.

أيضا لا شك أن تلاوة القرآن الكريم بتؤدة وتدبر تحسن الذاكرة، وتجعل الاستيعاب ممتازا، فأرجو أن تعطي لهذا الأمر اهتماما في حياتك.

أيضا: أنصحك بأن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والقلق، وسيكون العقار الذي يعرف تجاريا باسم (بروزاك Prozac) ويعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) سيكون دواء فعالا وممتازا لعلاج هذه الحالة، فهو عقار حقيقة يحمد له أنه قليل الآثار الجانبية، ولا يحس الإنسان بأي سلبيات من تناول هذا الدواء، وهو في الأسواق منذ عام 1988م.

إذن أرجو أن تبدئي في تناول هذا الدواء بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجرام) في اليوم، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم يمكن أن ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وتستمرين عليها لمدة شهرين آخرين، ثم خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، لابد أن تلتزمي التزاما قاطعا بتناول الدواء.

وهنالك أدوية أخرى وخيارات أخرى، فهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويسمى علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، وثان يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin)، ويسمى علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، وثالث يعرف تجاريا باسم (لسترال Lustral) أو (زولفت Zoloft)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، ورابع يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، كلها أدوية ممتازة وطيبة وفعالة، ولكن أعتقد أن البروزاك سوف يكون مفيدا جدا بالنسبة لك.

أي صعوبات في الحياة وأي مشاكل في الحياة يجب أن تنظري إليها بمنظار القوة، ويجب أن تتأكدي أن الإنسان لا يستطيع أن يحل كل مشكلة في الحياة، فهذا مستحيل، فاجتهدي فيما تستطيعين أن تصلي إلى حلول فيه فكوني واقعية، وحاولي أن تجمدي وتتجاهلي ما لا تستطيعين حله، وأرجو أيضا ألا تهتمي كثيرا بأحكام الآخرين عليك، فلا تكوني دائمة متوجسة وتحاولي أن تنظري بحساسية إلى أفكار الآخرين حيالك، لا، قومي أنت واجتهدي فيما تستطيعين، وهذا سوف يعطيك الشعور بالرضا والتحفيز الداخلي، وهذا دافع نفسي كبير جدا للنجاح.

أسأل الله لك دوام النجاح والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات