السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي ملتح منذ عدة سنوات، وعندما تقدم للزواج مني أخبروني أنه يحفظ القرآن كاملا، فسألته عن ذلك فأخبرني أنه يشارك في مقرأة وما زال في الخمسة أجزاء الأولى، فاحترمته لصراحته، وسمعت منه كثيرا أنه كان يحضر لمشايخنا العلماء الربانيين، ولكني لم أر منه إلا نقصا في الإيمان.
ورغم أنه لم يكن لديه أي مميزات تحلم بها الفتاة من تعليم وحرفة - لا أقول مهنة وشقة - إلا أني تركت ذلك كله لله، وقلت: من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وكنت حائرة في قبوله لأنه سمين جدا، وعندما تراه تعطيه أكبر من سنه بعشر سنوات، فصليت الاستخارة فخطر ببالي حديث: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) فوافقت، وقد وعدني بأنه سينقص من وزنه وأن بيتنا سيكون أشبه ببيوت الصحابة.
وقد حاولت معه كثيرا بالكلمة الطيبة والزجر دون فائدة، وانتظرت منه أن يدعوني إلى الله أو إلى درس علم أو حلقة قرآن ولكن ذلك لم يحدث، وفي رمضان لم يكن يحافظ على الصلوات في الجماعة، وكذلك صلاة التروايح، وطوال الحياة كسل في كسل.
علما بأن لي منه ابنة عمرها سنتان ونصف، ويقول أنه يحبني ولكنه لم يفعل ما يرضي الله أولا ثم يرضيني، وقد احترت معه كثيرا، فانصحوني.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك عونا لزوجك على طاعته ورضاه، وأن يعينك على الأخذ بيده إلى رضوان الله والجنة، وأن يصلحه وأن يبارك فيه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فهنيئا لمن تزوجت تنفيذا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، والبشرى لمن وافقت بناء على ما سمعته من تدينه وحفظه للقرآن الكريم والتزامه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ظاهره، ومثلك لن يضيعها الله، وإذا كان عنده بعض التكاسل أو الخمول فقد يكون ذلك من أسباب زيادة وزنه المفرطة، فإنك تعلمين أن أصحاب الأوزان الثقيلة حركتهم قليلة دائما وتصرفاتهم خفيفة، نظرا لأنهم لا يتحملون ما يتحمله سواهم؛ لأنه يحمل عبئا وكما كبيرا فهو مرهق في ذهنه ومرهق في قلبه ومرهق في أعصابه.
فهذا أمر طبيعي معروف لدى الناس جميعا، ولكن هذا لا يمنع من مواصلة حثه على تخفيف وزنه كما تفعلين، فاجتهدي في ذلك بالرفق واللين والكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، وساعديه في وضع برامج لتخفيف الوزن وإنقاصه، ولعله أن يستجيب لك بإذن الله فيتحسن حاله وتتحسن نفسيته وتتحسن صحته.
وأما عن الضعف الذي اكتشفته فهذا يحتاج منك إلى دعم له وتأييد، خاصة أنك قوية الشخصية وأنه يستجيب لكلامك، فحاولي معه بالتذكير والنصيحة والإعانة على الطاعة، ولا مانع إذا وجدته في البيت أن تجعليه إماما لك ليصلي بك جماعة أفضل من أن يصلي وحده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل خير من صلاته وحده)، واعلمي أن لك دورا مهما في إصلاحه.
وبمقدورك أن تساعديه أو تعتبريه مشروعا دعويا، وهدفا استراتيجيا أمامك لكي تدخلي به الجنة، وذلك بالرفق واللين والحكمة والموعظة الحسنة، والاجتهاد في إعانته على الطاعة، وإذا استعنت بالله سبحانه فإنه سيعينك، وأذكرك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت فأيقظت زوجها فقام من الليل فصلى).
فأتمنى أن تكوني تلك الزوجة التي تعين زوجها على طاعة الله، وإن لم يكن لقيام الليل فلا أقل من بقية أعمال الدين، ولكن برفق وبمحبة وبمودة، لأنك تعلمين أن مقام الزوج عظيم، ومنزلته كبيرة في دين الله تعالى، ورضا الله من رضاه وسخط الله من سخطه، فإن كنت تريدين له دينا وافرا فينبغي أن يكون ذلك بقدر الملح في الطعام حتى لا تفسدي الطبخ بالكامل، وإذا كانت توجد أشرطة طيبة فاستمعي إليها معه، وحاولي أن تجريه جرا إلى هذه الأعمال.
وعليك بالدعاء، فهو سلاح عظيم ومن أعظم عوامل تغيير الواقع وتغيير حياة الناس، وانظري في القرآن الكريم ستجدين أن الله تبارك وتعالى غير أمورا كثيرة في هذا الكون ببركة الدعاء، فدعوة واحدة من نبي الله نوح - عليه الصلاة والسلام - أهلكت الكفر وأهله، ودعوة نبي الله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - كان منها ومن بركاتها أن بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، ودعوة سيدنا - عيسى عليه السلام - ودعوة سيدنا سليمان وغير ذلك كثير.
فمهما كان الأمر صعبا إلا أن الدعاء يصنع المعجزات ويصنع الأشياء الخوارق - بإذن الله تعالى - فقد وعد الله تبارك وتعالى بذلك، وهو أعظم صور العبادة، ألم تعلمي ما حدث مع نبي الله زكريا - عليه السلام - الذي بلغ أكثر من مائة عام ولم يرزق بولد، فلما دعا الله تعالى: ((فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا))[مريم:5-6] استجاب الله له؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة).
فاجتهدي في الدعاء لزوجك وواصلي الدعوة بالرفق والموعظة الحسنة، ولا تتوقفي عن ذلك أبدا ما دمت تراعي الظرف المناسب والوقت المناسب والزمان المناسب والمكان المناسب، وما دمت تتوجهي إلى الله بالدعاء فأبشري بإذن الله تعالى بتغيره للأحسن، نسأل الله أن يجعلنا وإياك وإياه وسائر المسلمين من أهل الجنة.
وبالله التوفيق.