السؤال
لدي زميلة تدرس بإحدى الدول العربية في المرحلة الجامعية، تلبس الحجاب الشرعي الكامل - ولله الحمد - بما في ذلك غطاء الوجه, (جلباب وخمار وغطاء وجه) حسب عادة البلد عندهم، طلب إليها ترشيح نفسها للنشاط الطلابي في الجامعة ,نظرا لنشاطها، وكما هو معلوم أن معظم جامعات الدول العربية مختلطة، وجامعتها نفس الحالة.
نشاطها الطلابي مختلط مما يتطلب الاجتماع بالطلاب فتيات وفتيان، وممكن الانفراد مع أحدهم لمناقشة نشاط ما، ما رأيكم حيال هذا العمل، بالرغم أنني نصحتها أن لا خوف عليها من الفتنه، ولأني أعرف بشخصيتها غير القويه السطحية، مع العلم أن هذه الفتاة، تعيش بهذا البلد بمفردها وعائلتها بدولة أخرى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ــــــــ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك وأن يثبتك وزميلتك على الحق وأن يهديكما صراطه المستقيم، وأن يبصرك وإياها بالذي هو خير، وأن يعينك وإياها على فعل ما يرضيه، وأن يباعد بينكم وبين الفواحش، وأن يجنبكم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتكم على الحق، وأن يباعد بينكم وبين الغفلة وأعمال الشيطان.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أن لك زميلة تدرس في إحدى الدول العربية وهي أخت ملتزمة التزاما كاملا، ولكن عرض عليها الترشيح للنشاط الطلابي نظرا لنشاطها، وهذا النشاط يتطلب الاجتماع بالطلاب فتيات وفيتان، ويمكن الانفراد مع أحدهم لمناقشة بعض الأنشطة، ما رأيكم؟
الواقع أن هذا ليس صحيحا، الأخت - بارك الله فيها – ملتزمة بالحجاب والنقاب الشرعي ينبغي أن تعلم بأن هذه الأنشطة الطلابية في الغالب تقوم على نوع من التساهل، وأن الأخت التي ذهبت لطلب العلم ينبغي أن تجعل هدفها الأساسي طلب العلم فقط، أيا كان هذا العلم دينيا أو دنيويا، أما النشاط الطلابي ففي الواقع لا يصلح لأخت منتقبة هذه الكيفية، هناك أخوات متبرجات، هناك أخوات محجبات فقط، فمن الممكن أن يمارسن هذا النشاط، أما هذا النشاط الذي سيأتي على حساب دينها وتقواها، وقد يتعلق قلبها ببعض هؤلاء الشباب، وقد يتعلق قلب بعض الشباب بها فتدخل في مرحلة هي في غنى عنها الآن، ولذلك أنا أنصحها وبشدة ألا ترشح نفسها لأي نشاط في الجامعة، وأن تظل طالبة علم فقط، بدلا من أن تخرج بتقدير مقبول أو جيد، لماذا لا تخرج بتقدير امتياز؟! لماذا لا تركز جهدها فقط على أن تكون طالبة متميزة؟ لماذا لا تعمل بالدعوة إذا كان عندها قدر من العلم الشرعي تدعو بالدعوة الانفرادية، والدعوة الانفرادية أفضل من الدعوة العامة، ما دامت الحمد لله من الله عز وجل عليها بهذا الالتزام الطيب المبارك تستطيع أن تدعو أخواتها إلى هذا الالتزام وأن تتسلح بالعلم الشرعي القوي الذي يجعلها مقنعة لكل أخت تتعامل معها، أما النشاط الطلابي هذا في الواقع هذا نشاط مضيعة للوقت، مهما كان يترتب عليه من فوائد ولكنها ضعيفة جدا للغاية.
أنا أكلمك باعتبار أني كنت رئيس اتحاد طلاب جامعات بلدي كلها، وأرى أن هذا كله لا شيء، هذا كله عبارة عن حبر على ورق، وإن كانت تتحقق بعض المنافع والمصالح، إلا أن المضار خاصة بالنسبة للأخت، قد يكون بالنسبة للشباب ممكن، أما بالنسبة للأخت المنتقبة هذا لا يصلح لها بحال؛ لأنه كما ذكرت - بارك الله فيك – قد تنفرد ببعض الشباب لتناقش أمرا من الأمور، بعض اللجان الموجودة، هل هذه الخلوة شرعية صحيحة؟! وبعد ذلك من الذي أذن لها أن تتكلم مع الرجال وهي قد جاءت الآن وحدها لتتعلم في هذا البلد والأصل فيها أنها دينة أمينة فاضلة، هل يقبل رجل على امرأته أو ابنته أن تنفرد برجل لتتكلم معه ولو يحفظها القرآن؟!
أقول: رجاء ثم رجاء لا ترشحي نفسك لأي نشاط فيه احتكاك بالشباب مطلقا، هناك في الجامعة بدل البنت ألف بل آلاف، اجعلي هذا الأمر لهم وأنت تفرغي لدراستك، وتفرغي لدعوتك لأخواتك الدعوة الفردية، وتسلحي بالعلم الشرعي خاصة، وأنك منتقبة وقد ينكر عليك كثير من الناس النقاب في الجامعة، فحاولي أن تتسلحي بالأدلة القوية التي تستطيعين بها أن تثبتي وجهة نظرك، وأن تدافعي بها عن نقابك، وأن تقنعي به غيرك، وهذه أهم شيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا وما فيها)، وهذا ليس معناه دون المرأة وإنما شخص واحد سواء كان رجلا أو امرأة، فلماذا ما دامت الأخت على هذا الخير أن تجعل هذه الدعوة نصب عينيها وأن تدعو فعلا أخواتها إلى الله تعالى، وألا تشغل بالها بالشباب مطلقا، مهما كان، ولا تتكلم معهم؛ لأن هذا النشاط في الغالب يقوم على حساب أشياء أهم منه بمراحل، وأنا أقول: والله – وأنا مجرب – ما وجدت فيه من خير بالنسبة للأخوات؛ لأنه يكون أحيانا اجتماعات تتأخر وتتقدم ومحاضرات تتعطل وجلسات انفرادية وبعض الأخوة قد يستريح للأخت فيمشي ليتكلم معها وتتعلق الأخت به، فإذا كانت متفوقة ضاع عليها التفوق وتشوهت سمعتها وتكلم الناس في عرضها، وهي في غنى عن ذلك كله، ولذلك أقول:
أتمنى تنصحيها وأن تركزي على ذلك هذا الكلام الذي أقوله، وكم أتمنى أن تقرأه حتى تعلم أني – والله – لها ناصح أمين، وأنا أتكلم من واقع خبرة وتجربة، لأني عشت هذه المرحلة المرة حتى ضاعت علي مصالح كثيرة في ديني ودنياي، فأقول لها - بارك الله فيك -: اهتمي بدراستك التي تغربت من أجلها، وركزي على أن تكوني متميزة بين زميلاتك، وأن تكوني من الأوائل على دفعتك، ثم بعد ذلك إذا كان لديك من وقت فاستغليه في الدعوة إلى الله تعالى، الدعوة الفردية ليست الدعوة الجماعية، ولا تحتكي بالشباب مطلقا – كما ذكرت – ولا تغتري بخدمة الإسلام والقضايا الإسلامية الكبرى، وهذه الكلمات الطنانة الرنانة الجوفاء التي في الغالب ليس إلا نوع من التحزب لبعض الجماعات في الجامعة وكسب الساحة لحسابها، أما الإسلام فهو أبعد ما يكون عن هذه الأهداف وتلك الغايات.
أسأل الله لك التوفيق، كما أسأله لأختك الثبات والسداد، وأتمنى أن تبشرينا بما فعلته معها، ولا مانع أن تتكلم أيضا معنا وأن ترسل، فنحن إخوانكم وفي خدمتكم في أي وقت من ليل أو نهار، نقدم أي نصيحة ابتغاء مرضاة الله تعالى، (( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ))[هود:88].
والله ولي التوفيق.