السؤال
أنا أعاني من قلة التركيز، حيث أنني لا أستطيع قراءة كتب بتركيز أو استماع إلى محاضرة وذلك خلال المحاضرة تجدني أفكر في أشياء أخرى، وأحيانا عندما يتكلم معي شخص تجدني أفكر في شيء آخر ويفهم الشخص أنني غير معير له اهتماما، وأيضا عندما يتم إخباري بشراء بعض الحاجيات للمنزل تجدني أجلب بعض الحاجيات والبعض أنساها، وفي الصلاة أيضا لا أقدر أن أركز فيها، أجد نفسي أسرح وأفكر في مواضيع العمل أو بعض المواقف ولا أتذكر كم ركعة صليت أو في أي ركعة أنا.
أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن قلة التركيز من هذا النوع الذي تتحدث عنه غالبا يكون ناتجا من القلق النفسي، والقلق النفسي له عدة مظاهر منها أن يكون الإنسان مشتت البال، ولا يستطيع أن يجمع المعلومات أو يركز على ما يريد، أو يجد أن الأفكار متشابكة ومتداخلة وأن انتباهه قد انصرف عما يريد القيام به.
من أفضل الطرق لعلاج هذه الحالة أولا البحث إذا كان هنالك أسباب لهذا القلق، فبالطبع أن تواجه هذه الأسباب، وتحاول أن تجد الحلول والعلاجات المعقولة لها.
ثانيا: ممارسة الرياضة، فالرياضة تحسن من التركيز لدرجة كبيرة؛ لأن الرياضة تمتص كل الطاقات السلبية وتستبدلها بطاقات نفسية إيجابية، كما أن الرياضة تحسن مسار بعض الموصلات والمواد العصبية التي وجد أنها ضرورية لاستقرار الإنسان النفسي، فأرجو أن تجعل لنفسك برنامجا رياضيا يوميا.
ثالثا: حين تفكر في أمر ما عليك أن تستنفر جميع الحواس لديك، فإذا كنت تنظر لشيء ما فحاول أيضا أن تستمع إذا كان هنالك أي صوت يخرج من هذا المصدر الذي تنظر إليه أنت، واستعمال أكثر من حاسة وجد أنه أيضا يقوي التركيز، فعلى سبيل المثال: حين تقول لإنسان: (السلام عليكم) هنا استعملت حاسة الصوت أو المخاطبة، وفي نفس الوقت إذا نظرت إليه فهنا يكون انضم إلى الصوت حاسة النظر، وإذا وضعت يدك في يده وسلمت عليه بالمصافحة فهنا أيضا استعملت حاسة اللمس، وإذا كان الرجل تفوح منه رائحة طيبة هنا أيضا تكون استعملت حاسة الشم.
إذن استنفار الحواس حين نقوم بأي عمل أو نفكر في أي أمر هو أفضل الطرق للتركيز، فمرن نفسك على هذا.
رابعا: قل لنفسك حين تفكر في أمر: (لن أفكر في أمر غيره)، أعرف أن ذلك ليس من السهل، ولكن ليس من الصعب أيضا، بمعنى أن تحدد الأسبقيات وتكون هنالك نوع من الترتيبية في الأمور، ودائما حين يشرد بالك أو تركيزك لاتجاه معين، فارجع فورا وحاول أن تركز على الموضوع الذي من المفترض أن تركز عليه.
خامسا: من الأشياء التي تحسن التركيز هو استشعارنا بأهمية الأمر، فعلى سبيل المثال في الصلاة: الصلاة حقيقة إذا الإنسان تذكر أمر هذه الصلاة وعظمة هذه الصلاة سوف يركز، نعم إن للشيطان مداخل كثيرة ويحاول أن يلهينا، ولكن حين أعرف أنني أمام رب العزة، وأنني يجب أن أقف بكل تأدب، وأن أنظر مكان السجود وأن الصلاة لا تستغرق أكثر من خمس أو عشر دقائق، هنا يستطيع الإنسان أن ينقطع انقطاعا كاملا، كما أن التدبر في معاني ما تقرأ أو ما تسمع من القرآن تحسن التركيز، فأرجو أن تعتمد على هذه الآليات.
سيكون من المفيد لك أيضا أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق، فهنالك عقار يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival)، وهو من الأدوية البسيطة والأدوية الجيدة جدا، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة مساء لمدة ثلاثة أشهر أخرى.
هذا الدواء سوف يفيدك كثيرا، وهو دواء ممتاز وسوف يزيل القلق ويحسن التركيز -بإذن الله تعالى-.
لا شك أن قراءة القرآن بتدبر وتؤدة وتمعن تحسن أيضا من التركيز.
هنالك أيضا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، فقد وجد أنها تحسن التركيز أيضا، فأرجو أن تتحصل على أحد الأشرطة أو الكتيبات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين وتحاول تطبيقها.
أرجو اتباع هذه الإرشادات، ولا شك أنها تتطلب أن يأخذها الإنسان بكل اهتمام، وأن يمارسها ممارسة يومية، وبعد ذلك سوف تجد أن الأمور قد تحسنت كثيرا.
العلاج السلوكي لقلة التركيز: (226145 - 264551 ) والنسيان: ( 269001 - 269270).
أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.