كثرة توارد الأفكار وتطايرها وتداخلها وعلاقة ذلك بالقلق والوساوس

0 375

السؤال

مشكلتي هي أن الأفكار تتوارد على عقلي بسرعة، ثم تفكيري سريع، من ضمن الأفكار أفكار حمقاء غبية.

محتاج أكون رزينا أكثر، وفي نفس الوقت بغير بذل مجهود كاف لأجل أكون رزينا أكثر، أنا لست شخصا أهوج، بالعكس أنا ذكي جدا ووقور جدا، أعمل ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن سرعة توارد الأفكار وتطايرها وتداخلها يدل على وجود قلق، أو ربما يكون هنالك أيضا نوع من الوسواس القهري البسيط، إذا كانت الأفكار تتسلط وتتداخل ويحاول الإنسان أن يتخلص منها، ولكنه يجد صعوبة في ذلك.

بعض الناس - خاصة في مثل عمرك – ربما يكون أيضا السبب في سرعة وتيرة الأفكار هو أحلام اليقظة، حيث إن الشباب في مثل سنك تكون لديهم الكثير من الآمال ومن الأفكار المستقبلية التي تشغلهم، وهذه ليست ظاهرة مرضية، هي شيء طبيعي في حياة الإنسان حسب المرحلة العمرية كما ذكرنا.

وقد ذكرت أيضا أنك محتاج لأن تكون رزينا، فإذا كنت تقصد الرزانة والهدوء والكياسة والتؤدة، فهذه خصال طيبة وحميدة، ولا نعتقد أن هنالك وصفة معينة يمكن أن تحول الإنسان إلى هذه الصفة أو إلى هذه السمة، فالإنسان يعرف عيوب نفسه إذا كان متعجلا أو إذا كان يتدخل في شئون الآخرين، يحاول أن يوقف ذلك وأن يصحح مساره وأن يبتعد عن ما لا يعنيه. هذا هو الذي نقصده بالرزانة.

وبالنسبة للأفكار التي قلت إنها حمقاء وغبية، فأعتقد أن هذه أفكار وسواسية وهذا هو الذي تقصده، وقد ذكرت أنك الحمد لله لست إنسانا أهوج، وأنت ذكي، فهذه صفات طيبة وإيجابية يجب أن تستفيد منها لبناء علاقات سوية وتطور من مهاراتك الاجتماعية، وكذلك تسخر هذه الطاقات نحو التفوق والتميز الأكاديمي.

بالنسبة للأفكار المتداخلة والمتطايرة، سيكون ممارسة الرياضة – خاصة رياضة الجري أو ممارسة كرة القدم – من الأشياء الجيدة والطيبة جدا أن توجه طاقاتك منحى إيجابيا أكثر، بمعنى أن الرياضة تمتص الطاقات النفسية السالبة، والقلق النفسي هو من أكبر الطاقات السالبة، وأعتقد أن القلق الداخلي هو الذي جعل أفكارك مشوشة ومتطايرة ومتداخلة وتحمل هذه الصيغة الوسواسية.

لابد أن تحقر ما وصفته بأفكار حمقاء وغبية، فحين تأتيك الفكرة التي تعتقد أنها حمقاء أو أنها فكرة غبية قم باستبدالها مباشرة وفي النفس الوقت أدخل الفكرة المضادة، وقم بتكرار الفكرة المضادة عدة مرات.. هذا - إن شاء الله تعالى – يجعل فكرك وتصرفاتك تتصف وتتسم بالسواء.

سيكون أيضا من المفيد لك أن تضع جدولا زمنيا يوميا تنظم من خلاله نشاطاتك اليومية، تخصص وقتا للراحة، تخصص وقتا للقراءة، ووقتا لمزاولة الرياضة، وتخصص وقتا للترويح عن النفس بما هو مشروع، تخصص وقتا للعبادات، ووقتا للتواصل الاجتماعي، حين تخصص وقتا معينا لكل شيء ستجد أن وجدانك وأفكارك وعواطفك وحتى طاقاتك الجسدية قد توجهت نحو هذا الهدف، أنت هنا تكون كأنك قد وضعت حواجز ما بين الأفكار، بأن تخصص لكل نشاط وواجب في حياتك بزمن معين، ولا شك أن ذلك سوف يمنع التداخل في الأفكار.

حاول أيضا أن تمارس تمارين الاسترخاء مثل تمارين التنفس المتدرج، ولممارسة هذه التمارين عليك أن تستلقي على كرسي مريح في الغرفة وتكون شبه مظلمة وهادئة بحيث لا يكون حولك ضجيج، أو تضجع على السرير ولابد أن تركز في هذا الاسترخاء وذلك بالتأمل وكذلك بما يعرف بالتأثير الإيحائي الذاتي بأن تقول لنفسك (الآن أنا في وضع استرخائي كامل، ولن أفكر في أي شيء إلا ما هو جميل وطيب في حياتي)، بعد ذلك أغمض عينيك وافتح فمك قليلا، ثم قم باستنشاق الهواء عن طريق الأنف، املأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلا، ثم بعد ذلك أمسك على الهواء قليلا، وقم بعد ذلك بإخراج الهواء – الزفير – أخرج الهواء ببطء وبقوة. كرر هذا التمرين بمعدل خمس مرات في كل جلسة، ويفضل أن تكون لك جلسة صباحية وأخرى مسائية.

بقي أن أصف لك أحد الأدوية البسيطة التي تساعدك - إن شاء الله تعالى – في الهدوء الداخلي وإزالة القلق، والهدوء الداخلي والاسترخاء وإزالة القلق سوف تؤدي بصورة تلقائية إلى أن تكون أفكارك أكثر تنظيما وأكثر هدوءا وأقل تداخلا، هذا الدواء الذي أصفه لك يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح - وقوة الحبة هي نصف مليجرام – استمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة صباحا وحبة مساء لمدة شهرين، ثم خفضها إلى حبة واحدة مساء لمدة شهرين أيضا، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية وأؤكد لك أن مشكلتك هي مشكلة بسيطة جدا، كن إيجابيا في تفكيرك، وكن متفائلا واسع دائما نحو التميز والتفوق ما دام لك الاستعداد وقد وهبك الله درجة عالية من الذكاء.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات