السؤال
السلام عليكم
أنا شاب تجاوزت الثلاثين، متدين - والحمد لله - ومشكلتي أني منذ خمس سنين وأنا أبحث عن شريكة العمر بكل جهد ولكني أخفق دائما بطريقة غريبة.
فأنا لا أشترط شروطا كثيرة، ولا أتعنت في المواصفات، بل أطلب مواصفات عادية تتوفر في كثير من الفتيات، ولكن في بعض الأحيان قد تتوفر المواصفات وأجد نفسي غير مستريح لها، يتكرر هذا الأمر كثيرا، وأحاول أن أضغط على نفسي وأقبل ولكني أعجز، فأشعر بضيق في قلبي، وأخال أن هذا سيكون يوم حزني لا يوم فرحي فأرفض، كما أني أعتبر هذا ظلما لمن سأرتبط بها؛ لأني سأكرهها وأملها وأبتعد عنها وأحرمها من حقوقها.
وإذا وجدت فتاة واسترحت لها أفاجأ بها أنها هي التي ترفض ولا تستريح لي، وتكرر هذا الأمر أيضا كثيرا معي، وهكذا أنا بين نارين، نار رفضي ونار رفضهن.
دام هذا الأمر سنين عديدة معي؛ مما أتعب نفسي جدا، وشعرت بالإحباط واليأس، مع وجود رغبة قوية عندي في الزواج، ولا أعرف ماذا أفعل بالضبط!؟
بعض الناس يلومونني وكأني أنا السبب، وهذا مما يزيدني هما فوق همي وحزنا فوق حزني.
أتمنى أن أن أجد عندكم إجابة وافية ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يمن عليك بزوجة صالحة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه وكما لا يخفى عليك أن الله الجليل جل جلاله قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وما قدره الله تبارك وتعالى فهو كائن لا محالة، فكل مخلوق قد قدر الله له رزقه في كل شيء، سواء أكان في الصفات البدنية أو كان أيضا في المسائل المالية والاقتصادية، أو كان كذلك في العلاقات الاجتماعية والأسرية، أو كان حتى في العلم والطاعة والاستقامة، إلى غير ذلك. فكل ذلك مقدر قدره مولاك سبحانه وتعالى في لوح عنده، ثم إذا ما جاء الوقت الذي حدده الله تنزل أرزاق الله تعالى وفق مراد الله جل جلاله سبحانه.
ومن هذه الأرزاق التي قدرها الله قبل خلق السموات والأرض قضية الأزواج والزوجات، فلقد قدر الله لكل رجل نصيبه من النساء، وهذا لا يمكن أن يتخلف أبدا لأنه من تمام قدرة الله تعالى أن تنفذ إرادة الله وفق قدرة الله تبارك وتعالى وعلمه، ولا يقع في ملك الله جل جلاله إلا ما أراد سبحانه، ولذلك أقول - بارك الله فيك - :
اعلم أن لك زوجة في علم الله، بل قد تكون أكثر من زوجة، وأن ما يحدث لك الآن أولا إنما هو بقدر الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأن الأخت التي قدرها الله لك لعلك لم تصل إليها بعد، ولعلها أن تكون قريبة منك وأنت لم تنتبه لها، وفي الوقت الذي حدده الله تعالى ثق وتأكد أنك سوف تعثر على الأخت التي قد قدرها الله لك قبل خلق السموات والأرض، فلا ينبغي أبدا أن تصاب بهذه الهموم وتلك الأحزان حتى وإن تكررت عملية الرفض أو عدم التوفيق؛ لأن هذا أمر قدري قدره الله ولن تستطيع أن تخرج عنه بحال من الأحوال، وكل لحظة أو مرة تصاب فيها بنوع من الهم أو الحزن فإنك تثاب على ذلك قطعا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنه (ما يصيب المسلم من هم ولا غم ولا أذى ولا مرض ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه).
فأنت مأجور على تلك التجارب التي لم يحالفها التوفيق، ولكن أحيانا قد تحبس أقدار الله تبارك وتعالى لأقدار أخرى قدرها الله تعالى، ومن ذلك مثلا أن بعض هؤلاء الظالمين المعتدين الذين لا يحبون الخير للناس قد يقومون بعمل بعض الإشكاليات التي تحول دون نزول قدر الله إلى الوقت الذي حدده الله، وذلك بما يعرف بالسحر، فبعض الناس قد يقوم بعمل سحر لبعض الناس دون أي ذنب، وإنما لأن هذا الظالم لا يريد أن يرى السعادة ترفرف على بيت فلان أو على حياة فلان، أو يكره أن يرى فلانا سعيدا أو آمنا أو مستقرا، فيبدأ بالاستعانة بهؤلاء السحرة والدجاجلة والمشعوذين لحبس قدر الله تبارك وتعالى إلى أجل معلوم عند الله وغير معلوم عند الناس، وبذلك فعلا لا يستبعد أن يكون قد اعتدى عليك بعض هؤلاء الظالمين فقام بعمل سحر لك، حتى إنك لا توفق في هذا الجانب، ولعل توفيقك في جانب البرمجة والعمل جعل هناك من يحسد عليك ومن أراد الانتقام منك، فبدأ يستعمل كيده وينفث سمه في هذا الجانب الآخر ليحول بينك وبين تحقيق السعادة الكاملة بالزوجة الطيبة الصالحة.
والحمد لله أن الله تبارك وتعالى كما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام: (ما خلق داء إلا وخلق له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله)، والسحر بكل أنواعه له علاج بفضل الله تعالى ورحمته، خاصة وأنك رجل متدين والحمد لله، فتستطيع - أخي الكريم المبارك – أن تحضر بعض الأشرطة التي فيها الرقية الشرعية وأن تستمع إليها، أو أن تحضر بعض الكتب أو الكتيبات أو المطويات التي تحوي صفة وكيفية الرقية الشرعية وأن تقوم برقية نفسك بنفسك، لأنك رجل ولله الحمد وخاصة وأن الله قد من عليك بنعمة الالتزام، فمن السهل جدا أن تقوم برقية نفسك أكثر من مرة في اليوم.
وبذلك - بإذن الله تعالى – سوف تنفرج هذه المشكلة وتنتهي - إن شاء الله تعالى – فتبدأ برقية نفسك بنفسك، أو أن يرقيك بعض إخوانك الصالحين المقربين منك، أو أن تذهب لبعض المشايخ الثقات المعروفين عندك في مصر، وأن تطلب منهم علاجك، وسيعالجونك، وبإذن الله تعالى سوف تفك هذه المسألة نهائيا، وسوف تعود إلى وضعك الطبيعي، واعلم أن هؤلاء السحرة أو الدجاجلة أو الكهنة لم يغيروا قدر الله، وإنما هم من قدر الله تعالى، وشاء الله تعالى أن تتزوج في سن معينة، وأنت بدأت تبحث قبل هذه السن، فيأتي هذا فيعترض طريقك بقدر الله حتى يؤخرك إلى الوقت الذي أراده الله سبحانه وتعالى، ولكن أعلم في الوقت الذي قدره الله في علمه بأنك سوف تتزوج وسوف تجد الأخت التي قدرها الله تعالى، وعليك أن تلتزم بالمواصفات كما ذكرت أنت التي ترتضيها لنفسك أو المواصفات العادية التي تتوافر في كثير من الفتيات، بشرط أن تكون متدينة، لأنك لا ينبغي أبدا أن يدفعك حرمانك خلال هذه الفترة التي وصلت إلى خمس سنوات أن تقبل أي مواصفات أو أن تقبل أي فتاة، لأنك قد تدفع الثمن غاليا، بل قد ترى ما أنت فيه الآن أهون بكثير مما ستكون فيه لو تزوجت امرأة ليست على رغبتك وليست مطابقة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
فأنا أتمنى ألا يدفعك هذا التأخر إلى أن تقبل أي شيء؛ لأن هذه خسارة فادحة، ودائما القرارات الغير مدروسة قد يدفع الإنسان حياته كلها ثمنا لها، فأنا أرى أيضا أن تتحلى بالصبر، وأن تواصل عملية البحث، وأن تبدأ في رقية نفسك ولو مرتين يوميا مرة صباحا ومرة مساء، أو أن تعرض نفسك على بعض الإخوة المعالجين وتنطلق، ولا تتنازل عن الشروط الشرعية أيضا، وعن المرأة التي تحمل المواصفات التي تحبها وتميل إليها؛ لأن الحياة الزوجية شراكة طويلة المدى قد تستمر لثلاثين عاما أو أربعين عاما أو خمسين عاما، فكيف تستطيع أن تحيا طول هذه الفترة مع إنسانة ليس فيها ما تريده من رغبات أو تحبه من صفات؟!
فأرجو أن لا تتعجل مهما طال الزمن، وأوصيك بأن تبحث عن الشيء الجاد، لا تقل بأني أتزوج هذه الأخت وقد تلتزم لأنها قد تلتزم وقد لا تلتزم، وقد تريك ما تكره في كل يوم، ولكن الأخت الملتزمة التي أحبت الله ورسوله والتزمت ابتغاء مرضاة الله دون أن تعرف عنك وعن غيرك شيئا، فهذه توزن بالذهب، وأسأل الله تعالى أن يمن عليك بأخت ملتزمة صدقا ويقينا محبة في الله وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون عونا لك على طاعته سبحانه، وتأخذ بيدك إلى رضوان الله والجنة، وأبشر بفرج من الله قريب، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله وكثرة الاستغفار والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وكثرة الصلاة على النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأنا أبشرك بأنك عما قريب سترى ما تقر به عينك.
هذا وبالله التوفيق.