والدي عصبي جدًا ويحرجني أمام أصدقائي، فكيف أتعامل معه؟

0 36

السؤال

أنا شاب في السادسة عشرة من عمري، أبي عصبي جدا، وأنا بطبعي هادئ أكره الإنسان العصبي، فأنا أجهل كيف أتعامل معه، فبنظري الإنسان العصبي لا يحل ولا يربط، بل يزيد الأمور تعقيدا!

أبي سريع الغضب ويصرخ لأتفه الأسباب، وهذا ما جعل التعامل بيني وبينه محدودا، لدرجة أني أتجنب الجلوس في الغرفة التي يتواجد فيها، كما أنه وفي أكثر من مرة كان يصرخ علي أمام زملائي وأصدقائي، وينصحني أمامهم ويقارنني بهم.

وأحيانا يصل لمرحلة الهستيريا من الغضب، فيحمر وجهه ويبدأ بالتلفظ بكلمات لا تليق بأب مثله، وحتى وهو سائق لا يلتزم الأدب مع غيره.

ولست وحدي من يتضايق منه، بل جميع من في البيت يحاول تجنب غضبه، وأنا دائما عند غضبه أحاول التعامل معه ببرود أعصاب، لا أدري لماذا، ولكن ربما لأن غضبه يستفزني، فأبدأ بمحاولة الرد حتى أستفزه أكثر، ولكن صدقني هذا التصرف خارج عن إرادتي، فأنا تلقائيا أبدأ التعامل معه ببرود أعصاب، وهو أيضا كثير المحاسبة يحاسب على الصغيرة والكبيرة، وما يضحك في الأمر أنه ينصح أخي الكبير بأن يبتعد عن الغضب، وينصحه بالصراخ وليس بالهدوء، مع أنه أكثر الناس وأسرعهم للغضب، فكيف أتعامل مع أبي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الغضب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن أول وأهم خطوات التعامل مع الشخص العصبي يكون بتفادي أسباب غضبه، خاصة إذا كان أبا، فإن رضاه مطلوب والصبر عليه عبادة وطاعة، وأنتم بلا شك تعرفون الأمور التي لا يرضاها، فمن الحكمة الاجتهاد في تفاديها وتجنبها، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يصلح حالنا وحالك.

وأرجو أن تلتمسوا لوالدكم العذر، وتحملوا ما يحصل منه على أحسن المحامل، فربما يكون مواجها بضغوط في العمل، أو في الإنفاق أو في الحياة، وربما كان سبب العصبية الزائدة سببا صحيا.

وربما كان السبب في كل ذلك هو رغبته في أن يراكم أفضل وأفضل، وهذا يحصل في حالة الآباء الناجحين في الحياة؛ لأنه لا يوجد أب ناصح إلا ويتمنى أن يكون أولاده أفضل منه، فإذا تخلف عند الأبناء الحرص والجد والاجتهاد اشتد غضب الوالد، ونحن بالطبع لا نوافق على ذلك، ولكننا نعذر الآباء ونذكر أبناءنا الكرام بأن ما يحصل دليل على إرادة الخير لهم، ونؤكد أن هذه النوعية من الآباء تحب أبناءها وتريد لها الدرجات العالية.

وإذا كان سكوتك وتعاملك ببرود يزيد من غضب الوالد فإننا ندعوك إلى ترك ذلك، وإظهار الاهتمام بالأمور التي غضب لأجلها والمسارعة بالاعتذار، وأنت أعلم بطبيعة والدك.

كما أرجو أن يتذكر كل غضبان بأنه مطالب بأن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن يذكر الرحمن، وأن يهجر المكان وأن يغير هيئته بقدر الإمكان، فإذا كان الغضب أشد فإنه يتوضأ ويصلي، أما أنت وإخوانك فالمطلوب منكم تفادي ما يغضبه، فإن غضب فابحثوا عن رضاه واتركوه حتى يهدأ، ولا تناقشوه ولا تردوا عليه إلا في الوقت المناسب.

ولست أدري لماذا يحرجك أمام أصدقائك؟ وهل هم أصدقاء سوء أم طيبون؟ وهل يترتب على مجيء أصدقائك خلل في القيام بواجباتك، وهل وهل، ومعرفة السبب تزيل العجب، وتساعدنا في إصلاح الخلل والعطب، فمرحبا بك في موقعك ونسأل الله أن يعينك على بر والدك.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات