السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعتقد أنني أعاني من مشكلة، ولكنني مترددة في زيارة الطبيب، أخاف أن يقول لي ما أنا خائفة منه، وأصبحت في المدة الأخيرة أعاني آلاما في ظهري، وكذلك في مكان الكليتين، وأخاف أن أذهب إلى الطبيب ويقول لي أن كليتي لا تعملان جيدا أو ما شابه.
كما أنني المسؤولة في المنزل عن الشراء وعن متطلبات البيت، حيث توفي والدي وأصبحت مسؤولة عن إخواني، بالرغم من أنهم أكبر مني لكن لديهم متطلبات، وأعتقد أن المسئولية هي التي توترني جدا، فلم أكن كذلك أبدا، وأصبحت أتعرق جدا من كفي وقدمي، فأرشدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إن الخوف من مقابلة الأطباء ظاهرة موجودة ونشاهدها كثيرا لدى بعض الأشخاص القلقين أو الذين يعانون من الوساوس، وهذا الخوف في معظم الأحيان لا أساس له مطلقا، وبالمقابل يوجد أيضا أشخاص يكثرون من مقابلة الأطباء لأبسط الأشياء، والمنهج الصحيح هو الوسطية، وهو أن الإنسان يجب ألا يهول الأعراض التي يشعر بها، وفي نفس الوقت يجب ألا يهون الأمور ويتركها حتى لا تتعقد.
الحمد لله أنت في عمر تكون صحة الإنسان فيه في أفضل حالاتها، وهذه الشكوى التي تعانين منها من ألم في الظهر وفي منطقة الكليتين، في رأيي هذا عرض شائع وكثير جدا، وفي أغلب الأحيان يكون ناتجا من تقلصات عضلية.
أرجو أن أؤكد لك أن الكلى في حد ذاتها لا تؤلم الإنسان والآلام قد تأتي من العضلات أو من الحالب، لذا أؤكد لك أن هذه الحالة إن شاء الله لا تدل أبدا على وجود مرض في الكليتين، وحتى إذا افترضنا أن هنالك التهابا أو شيئا من هذا القبيل، فمن الأفضل للإنسان أن يعرفه.
عليك أن تذهبي إلى الطبيب، وذلك من أجل إجراء فحوصات عامة. آلام الظهر من هذا النوع قد تكون لأي سبب، ولكن الأرجح هي ناتجة عن انقباضات عضلية، والآن توجد دراسات كثيرة جدا تشير أن القلق النفسي وعدم الارتياح النفسي من أكبر مسببات الآلام خاصة في منطقة أسفل الظهر، فأرجو أن تذهبي إلى طبيب الأسرة، ليس هنالك أي داعي لأن تذهبي إلى أي تخصص خاص، طبيب الأسرة سوف يقوم بإجراء الفحص، ومن أجل أن تجري فحصا عاما للدم، وكذلك البول، وربما يطلب الطبيب عمل أشعة، أو ربما لا يطلب ذلك، وتذكري أن هذه الفحوصات روتينية يقوم بها ملايين الناس، ولا شك أن الإنسان من الأفضل له أن يعرف وضعه الصحي قبل أن يتطور.
لا أرى أبدا مؤشرات تدل على وجود مرض حقيقي، ولكن ليس هناك ما يدعوك للخوف والوجل والتردد. فتوكلي على الله واذهبي إلى الطبيب، ولا تدعي التوتر والقلق يسيطر عليك؛ لأن عدم ذهابك إلى الطبيب أيضا سوف يزيد من هذا التوتر وهذا القلق وتصبحين في حالة من المخاوف ومن الوساوس، وهذه حلقة مفرغة لا أريدك أبدا أن تدخلي فيها. اذهبي إلى طبيب الأسرة، والأمر بسيط جدا، ولا يستدعي كل هذا القلق وكل هذا التوتر.
أنت ذكرت أيضا أن هنالك مسئوليات ضخمة الآن تقع على عاتقك، وذلك بعد وفاة الوالد عليه رحمة الله تعالى، والقيام بالمسئوليات وأداء الواجبات حتى وإن كانت كثيرة، حقيقة هي نعمة كبيرة؛ لأن مثل هذه المهام لا توكل لأي إنسان، من يجد نفسه في موقع المسئولية، من يجد نفسه أنه في وضع لابد أن يساعد من خلاله الآخرين خاصة أفراد الأسرة، أعتقد أن ذلك يجب أن يعطيك شعورا بالثقة وشعورا بالرضا، بل شعورا بالسعادة والارتياح الداخلي. إذا لم تكن لك المقدرة والكفاءة لما وضعت في هذا الموقع أبدا.
المشاعر السلبية يجب أن تحول إلى مشاعر إيجابية في مثل هذه المواقف. فقط أنت مطالبة بتنظيم وقتك، وتنظيم الوقت سوف يساعدك كثيرا في زوال القلق، وترتيب الوقت بصورة جيدة لا شك أنه سوف يشعرك بفعاليتك وبإنجازك.
أرجو أن تحولي المشاعر السلبية إلى مشاعر إيجابية؛ لأن مواقفك فعلا هي مواقف إيجابية. هنالك بعض الناس يعيشون في هامش الحياة، لأنهم لا يساعدون أنفسهم ولا حتى الآخرين، لا يوجد لهم دور وهدف حقيقي في الحياة، لكن أنت لك هدف في الحياة ولك دور وتساعدين إخوتك، وتتحملين المسئولية، هذا يجب أن يكون أمرا إيجابيا ومفرحا لك كما ذكرت، فأرجو أن تغيري من مفاهيمك حول هذا الأمر.
بالنسبة للتعرق والتوتر، فهو جزء من القلق، وإذا كانت هذه الأعراض مزعجة لك فلا مانع أن تتناولي جرعة بسيطة من دواء بسيطا من مضادات القلق، الدواء الذي أود أن أصفه لك هو عقار يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله، وهناك دواء بديل يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، يمكن أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر أيضا.
لا أعتقد أنك في حاجة لأكثر من ذلك، كل الذي تحتاجين إليه هو أن تحولي تفكيرك السلبي إلى تفكير إيجابي، لأنك بالفعل تقومين بأعمال إيجابية ونافعة للآخرين، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يتقبل طاعاتكم.
وبالله التوفيق.