السؤال
بداية أهنئكم بالشهر الكريم والمبارك.
أنا فتاة موظفة تم عقد قراني تقريبا منذ شهر من شخص طيب وخلوق ومحافظ على صلاته وبار بأمه وأخواته، الأمر الذي دفعني للقبول به كزوج، ولقد كنا نتكلم مع بعضنا قبل العقد وكنا غير مرتاحين من الوضع، فعجلنا بالعقد لكي نكون أكثر راحة، فتم بحمد الله، في هذه الفترة تكلمنا في كثير من المواضيع، خاصة الأمور المادية، وكثيرا ما يقول لي أعينيني على الحياة وعلى المصاريف، ولا بد أن نشترك في تجهيز البيت وشراء الأثاث والسيارة وما إلى ذلك، المشكلة أني كرهت كثرة الحديث عن الأمور المادية، فأخبرته بذلك فقال لي بأنه يعتبرني كنفسه ويحدثني بكل شيء وبأنك زوجتي فأرتاح لكلامه، خاصة أنه يحسن الحديث وكذلك حنانه، ثم ما يلبث أن يعيد الحديث عن الماديات، مشكلتي أني أصبحت متخوفة كثيرا من أن يكون من الرجال الطماعين أو أن أخسر علاقتي به أو ما شابه، وفي الحقيقة أنا مدركة جيدا بأن الحياة شراكة، خاصة مع الظروف الاقتصادية الحالية، وبأن على المرأة أن تعين زوجها على أمور الحياة، ولكني متخوفة من طبيعة هذا الرجل ولا أعرف كيف أتصرف معه! سواء الآن قبل العرس أو بعده، ولا أعلم إن كان السبب هو كثرة حديثنا مع بعض أم ماذا، وإذا كان حقا في نيته شيء ما فما نصيحتكم لي؟ وماذا علي أن أفعل؟ وهل فكرة الانفصال واردة؟
أخيرا أطلب من سيادتكم أن تدعوا لي وأن تنصحوني وتوجهوني للسبيل الصحيح في تكوين الأسرة المثالية والزواج الصحيح، أرجو الإجابة في أقرب وقت لأنني تعبت كثيرا من كثرة التفكير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صباح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن كثرة الحديث عن الماديات ليست شيئا دافعا للانزعاج، ولا يمكن أن يوجد شخص كامل خال من العيوب، ووجود الدين والأخلاق والبر بالوالدين مؤشرات إيجابية وطاعات عظيمة تقرب من رب البرية، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أموركم وأن يصلح أحوالكم، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد.
ولا شك أن كثرة الكلام من الرجل والمرأة تفتح الأبواب لقضايا قد تكون مزعجة، وعدم وجود مواضيع جديدة تجعله يطرح موضوع الماديات بالإضافة إلى ما ذكره لك من حصول الارتياح والاطمئنان بينكم، وهذا جيد ومطلوب.
وأرجو أن يعلم الرجال أن الإنفاق واجب على الرجل، وأن مساعدة المرأة في ذلك لون من حسن العشرة والتعاون على البر والتقوى، ونحن في الحقيقة لا ننصح أي رجل بالاعتماد على أموال زوجته إلا إذا بذلتها بنفس طيبة راضية.
وقد أسعدني قولك أنك مدركة أن الحياة شراكة، ونحن نقول: والحياة تضحيات وتنازلات وتأقلم وتفاهم وألفة، وهي قبل ذلك أخوة في الإيمان، ورغبة في إنتاج الصالحين من الولدان الذين يفرح بهم وبصلاحهم ويفاخر بهم رسولنا المبعوث من عدنان عليه صلاة ربنا المنان.
ولا يخفى على أمثالك أن تذكر الأهداف الكبيرة ينسي المشاكل الصغيرة، ويجدد في النفس عزمها وإصرارها، وسوف تستفيدين من تعاونك معه خاصة إذا كانت أسرتك لا تحتاج لمساعدتك المادية، وإذا تمكنت من التوفيق من مساعدة أسرتك ومساعدة زوجك فذلك خير كثير، وأحسب أن هذه الثقافة بدأت تتسع دائرة العمل بها مع اشتداد الظروف المادية وتعقد الحياة المادية.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله تعالى، وأشكرك على حرصك على جعل العلاقة رسمية وشرعية، فإن الخير كله في اتباع الشرع، وعليك بكثرة اللجوء إلى الله، والتعاون على طاعته، فإن الله يصلح بذلك الأحوال، قال تعالى: ((وأصلحنا له زوجه))[الأنبياء:90] وسؤالنا ماذا كانوا يفعلون؟ ((إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين))[الأنبياء:90].
ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يجمع بينكم على الخير، وبالله التوفيق.