السؤال
السلام عليكم.
أنا أعيش لوحدي حيث أني يتيمة الأب والأم، وأخواتي متزوجات، وكل منهم مشغول بحياته ولا يهتمون بي، لذلك أشعر دائما بحزن دائما واكتئاب وتفكير في أحزاني وما يحدث لي، وأنا لا أعمل، وأيضا أشعر بالحزن لتأخر سن زواجي، فأرجو المساعدة برأيكم واستشارتكم حيث لا أجد أحدا بجواري في هذه الدنيا سوى الله، وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
غفر الله لوالديك وأسكنهم فسيح جناته، وأسأله جلت قدرته أن لا يحرمك أجرهم ولا يفتنك بعدهم وأن يجمعك بهم في مقر رحمته ... اللهم آمين.
ابنتي: فقد الوالدين شيء عزيز على النفس، لأنهما هما الأمان والطمأنينة والصدر الحنون، ولكن من رحمة الله بعباده بأن يخلف على العبد إذا صبر واحتسب، قال تعالى: (( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ))[البقرة:156-157].
وهذه يا ابنتي ابتلاءات، فقد تبتلين بفقدهم ويمتحن الله تبارك وتعالى صبرك، وقد تبتلين بوجودهم ويمتحن الله تبارك وتعالى برك بهما، ويفعل الله ما يشاء، فإنك لا تعلمين أين الخير، قد لو كانوا أحياء لن تبلغي برهم وتكتبي من العاقين ـ والعياذ بالله ـ من ذلك، فثقي أن الخير فيما يختاره لك جل وعلا.
ابنتي: لا تتحسري على ما فات، وارضي بما قسمه الله لك، فمن رضي فله الرضى، وانظري إلى من دونك، فكم من الناس ليس له أب ولا أم ولا سكن ولا وطن، ولا مأوى ولا إخوة، وكم من الأطفال في الملاجئ وأنت ـ ولله الحمد والفضل والمنة ـ تملكين كل هذا، فاستشعري هذه النعم وأكثري من الحمد والثناء على الله، وكلما تذكرت فقد والديك افعلي ما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم: استرجعي وقولي (للهم آجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها).
فيقينا سيخلف عليك، ولا تستلمي للأحزان والتفكير في الماضي، فإنما ذلك من الشيطان ليحزن قلبك كما أن يا ابنتي هذا الظرف ( فقد والديك) يزيدك نضجا وتحملا للمسئولية.
عزيزتي: قلت جملة جميلة ختمت بها رسالتك ( لا أجد أحد بجواري سوى الله).
وهل تريدين أكثر من ذلك؟! اسأليه الإنس بقربه فأنت لست وحيدة إذا استشعرت أن الله معك وأنك في معيته، فهو جل وعلا القريب المجيب، واسمعي هذا القول الرائع لابن عثيمين رحمه لله: أفضل الدعاء: ("اللهم إني أسألك الأنس بقربك"، يتحقق للمؤمن فيها أربع: عز من غير عشيرة، علم من غير طلب، غنى من غير مال، أنس من غير جماعة)
أما بالنسبة لأخواتك أو إخوتك، فثقي أن أمرك يهمهم ولكن مشاغل الحياة وهمومها قد تلهيهم عنك بعض الوقت.
اخترقي يا ابنتي جدار العزلة الذي أقمته على نفسك واحتكي بإخوتك وبأبنائهم وعيشي حاضرك، وابحثي عن عمل يناسب قدراتك، فقد يكون في وظيفة وقد يكون في باب من أبواب العلم، وابدئي حفظ القرآن وأخذ بعض الدورات الشرعية والعلمية واستفيدي من وقتك، وكما يقولون رافقي السعداء تسعدي ورافقي الناجحين تنجحي، وليكن من ترافقيه من الصالحات، وليكن هذا محك الاختيار عندك.
أما بالنسبة لموضوع الزواج فلا تقلقي يا ابنتي فالزواج رزق وقد كتب رزقك قبل أن توجدي في هذه الدنيا وسيأتيك في الموعد الذي حدد فيه، فلا تحملي هما في ذلك، فالذي خلقنا لم يتركنا هملا، حاشاه جل وعلا من ذلك، بل تكفل بأرزاقنا والخيرة فيما يختاره.
ابنتي: اطوي بساط الأحزان والتفكير في الماضي، واعلمي أنه لن تحققي من ذلك إلا الاكتئاب واليأس وابدئي من بعد قراءتك لهذه الرسالة حياة الجد والرضى، وانظري لمن فوقك في الطاعات والهمم العالية والجد والمثابرة.
ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول الزواج قضاء وقدر: (271640 - 269228 - 278495)
والعلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121 ).
أسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ويرضيك بقضائه.
والله الموفق.