السؤال
ابنتي عمرها 18 سنة، ربيتها هي وإخوتها على أنني أخت وصديقة.
لاحظت عدة أشياء عليها عندما كانت في المرحلة الابتدائية؛ قالت لأصدقائها ومدرسيها: إن أمي ماتت! والآن وهي بعمر 18 سنة، لاحظت أنها توقع بين أصدقائها ومعارفها وتقول: إن أمي وأختي لا يحبونكم.
علما بأني دائما ودودة معها، وأعاملها كأنها أخت وصديقة لي، ولما سألتها: لماذا فعلت ذلك؟ أنكرت أنها قالت ذلك.
ماذا أفعل وكيف أتعامل معها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن مثل هذا السلوك وهذا التصرف يبدر من الشباب أو اليافعين الذين لديهم ما يسمى باضطرابات الشخصية، أي أن التوازن النفسي للشخصية ليس على درجة كاملة من السواء، وهذا لا يعتبر مرضا نفسيا أو مرضا عقليا، إنما هي ظاهرة تتعلق بمكونات الشخصية وصفاتها كما ذكرنا.
مثل هذا السلوك في بعض الأحيان لا نستطيع أن نحمل مسؤوليته للشخص نفسه بصورة كاملة، فإن هنالك عوامل أخرى لا بد أن نقدرها، وهي مثلا: العوامل البيئية، الظروف الحياتية، ما هي تأثيرات الأسرة، التربية، التنشئة؟ هنالك عوامل أخرى ربما تضاف إلى هذه العوامل، وتؤدي إلى هذا السلوك غير المقبول.
في بعض الأحيان قد يلجأ الصغار واليافعون إلى الكذب وإلى المراوغة كنوع من التخلص من موقف ما، وحقيقة مثل هذه الصفات والسلوكيات لا يتم تعلمها في لحظة واحدة، الأمر قد يكون بدأ بداية بسيطة، وبعد ذلك أصبح يتطور بمرور الزمن؛ لأن المنظومة القيمية لم تكن إيجابية بالصورة المطلوبة.
الذي أدعوك إليه وأطلبه منك هو أن تجلسي مع ابنتك، لا تشعريها أبدا بالرفض، لا تشعريها أبدا بالاحتقار، ولا تكوني انتقادية للدرجة الشديدة معها، حاولي أن ترفعي من مستوى وعيها، حاولي أن تكوني صريحة معها، حدثيها عن قيم الصدق، عن قيم الأمانة، دون أن تقولي لها: أنت كاذبة، هذه مهمة وضرورية جدا.
وأعطيها أمثلة عن الأمانة والصدق وحسن السلوك بصفة عامة، والمهم هو: أن تزرعي فيها الفضائل؛ وهذا يتأتى بالتوعية والتنبيه، وفي نفس الوقت لابد أن تشعريها بأنها شخص مرغوب فيه، وأن لك آمالا عريضة عليها، وكما ذكرت التشجيع هو من الأسس الضرورية جدا لبناء السلوك الإيجابي.
اجعليها أيضا تكون لها صحبة طيبة بقدر المستطاع؛ لأن القدوة الحسنة حقيقة مطلوبة في مثل هذه الظروف، واجعليها تركز على دراستها، وجهي طاقاتها نحو ما هو مفيد، وكما ذكرت لك: لابد أن تشعر بأهميتها في داخل المنزل، حاولي أن تستشيريها حتى في شؤونك وفي شؤون البيت.
الذي أود أن أقوله هو: أن تطوري فيها مهارات وسمات جديدة، دون الإكثار من الحديث حول تصرفاتها السلبية، وحاولي أن تجدي لها العذر، قولي لها: (أنا أعرف أنك لست كاذبة، أنك لا تريدين أن توقعي بين الآخرين، ولكن ربما لم توفقي في اختيار الكلمات والأسلوب الصحيح).
هذه مداخل طيبة لإجراء الحوار ولإجراء التواصل، وبعد ذلك لابد أن تسانديها وتوجهي لها النصح والإرشاد، وكما ذكرت لك: التطبيق العملي في تنمية الذات يعتبر مهما جدا.
ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.