السؤال
زوجتي تطلب الطلاق بلا سبب شرعي، فقط أنها لا تحبني وتكرهني؛ لأن أهلها جبروها بالزواج مني، ولم أكن أعرف لأنها بنفسها وافقت أمام القاضي حين سألها: هل أنت موافقة؟ قالت: نعم، وكان ذلك قبل الزواج، والآن هي حامل في شهرها الثالث، وقد تزوجنا منذ ستة أشهر، وهي بنفسها تقول لي: أنت طيب ولكن قلبي ليس مرتاحا معك، لقد صبرت وسأصبر لأني أحبها جدا، وهي تعلم بذلك لأن وراء الطلاق تفكك للأسرة وندما.. إلى غير ذلك، ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم/ علي حفظك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
نسأل الله العظيم أن يصلح هذه الزوجة، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، والسداد والرشاد.
لا ينبغي للزوجة أن تطلب الطلاقة بغير ما بأس، خاصة وقد أعلنت موافقتها، بل وأصبح في رحمها جنين.
وأرجو أن تصبر وتتوجه إلى الله من أجل أن يؤلف قلبها ويردها إلى صوابها، وعليك أن تبحث عن الأسباب التي جعلتها تطلب الطلاق، مع العلم أن هذه المرحلة في الحمل مرحلة فيها صعوبة وتكون المرأة فيها متغيرة المزاج، وأنت مدعو للشفقة عليها وملاطفتها ونصحها مع ضرورة الابتعاد عن الأشياء التي تضايقها، بل إن بعض النساء لا تطيق زوجها في تلك المرحلة.
وأرجو أن أهمس في أذنك بهذه الحقيقة: وهي أن كثيرا من الأزواج لا يحسن التعبير عن مشاعر الحب المكتومة في نفسه، فلا يكفي أن تحب هذه الزوجة بل أنت مطالب بإظهار تلك المشاعر، خاصة ونحن في زمان أصبحت فيه مشاعر الحب الكاذبة تعرض على الشاشات وبصورة مبالغ فيها، فتظن بعض الزوجات أنهن لا يجدن مثل تلك العواطف المتدفقة، وليتنا تذكرنا أن ذلك تمثيل وكله كذب وزور، وأخطر من ذلك فهو عشق حرام يجتهد الشيطان في تزيينه أمام الأعين، والممثلون والممثلات من أشقى الناس في حياتهم، وقد حرموا الاستقرار في حياتهم وبيوتهم.
والدين يأمرنا بالإحسان إلى الزوجة، بل إن خير الرجال هم خيرهم لأهله كما نطق بذلك من لا ينطق عن الهوى، ومثل ذلك في نفسه فكان مع أهله ضحاكا بساما يدخل السرور على أهله عليه صلاة الله وسلامه، وكثير من الزوجات تبدأ حياتها بتوترات ومشاكل، ولكن سرعان ما يتبدل الحال ويسكن الود مكان الشقاق والخصام.
والمرحلة الأولى في الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر من الطرفين حتى يعرف كل طرف كيف يتعامل مع شريك الحياة.
والإسلام وضع القوامة بيد الرجل لأنه الأكمل عقلا وبيده المال والحل والعقد، وله كانت الوصية بالإحسان؛ فالكبير يوصى بالإحسان إلى الضعيف: (فاستوصوا بالنساء خيرا ...)، فلا تطاوع هذه الزوجة في طلبها واصبر واحتسب وافعل الخير وتوجه إلى الله، فإن صلاحها بيده سبحانه، قال تعالى: (( وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ))[الأنبياء:90].
ومن حكمة الشريعة كذلك أنها وضعت فك رباط الزوجية بيد الرجل لأنه غالبا لا يتأثر بالعواطف ولا يتعامل بردود الأفعال، وهذا الذي ننتظره منك أخي الكريم، وسوف يجعل الله بعد عسر يسرا.
وكما قال عمر رضي الله عنه: (ما كل البيوت تبنى على الحب)، ولكن على أخوة الإيمان ورعاية المواثيق، وكم من حب تبدل إلى بغض، وكم من كراهية آلت إلى مودة ورحمة، والقلوب عند الرحمن يقلبها كيف شاء سبحانه.
واعترافها لك بأنك طيب جانب إيجابي وإشارة خير وبارقة أمل بإذن الله، فبادلها المشاعر والعواطف والثناء (والغواني يغرهن الثناء)، بل إن المرأة تحتاج إلى ثناء متصل تمدح فيه طعامها وثيابها وهندامها وعطرها، فلا يكفي أن تقول للأنثى: أنت جميلة وتسكت، بل الصواب أن تفصل عناصر الجمال وجوانب التميز، وهذه من أحدث الدراسات في وسائل الوصول إلى القلوب بالنسبة للمرأة، وحبك الشديد لها يدعوك إلى التمسك بها والغيرة عليها حتى لا تتبعها نفسك إذا حدث -لا قدر الله- الفراق.
وإذا صبرت على هذه المرأة وأحسنت إليها حتى تضع هذه الجنين فسوف يتبدل الحال بإذن الله؛ لأن وجود طفل يعيد البهجة للحياة الزوجية ويقوي الروابط ويجعل المرأة تفكر مئات المرات قبل أن تتقدم بطلب الفراق والطلاق، والرجل أيضا يزداد حرصا وتمسكا بزوجته، وسوف تعيد بهجة الطفل الوليد الحياة إلى مجاريها، وأشعرها بالحنان والأمان وأعلن تمسكك بها.
وأرجو أن تقدر ظرفها الذي تمر به، واجتهد في مداعبتها وملاطفتها وإدخال السرور عليها، واعلم أن نجاح العلاقة الخاصة مع الزوجة ينعكس على الحياة الزوجية بكاملها، وهدي الإسلام في إشباع حاجتها ورعاية مشاعرها، وإذا طلبت منك هذا الطلب فذكرها بالعواقب ومصير هذا الطفل، ورأي الناس في المرأة المطلقة، وذكرها قبل ذلك بالله سبحانه وعظها، واجتهد في طاعة الله، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها، وعمر حياتكما بطاعة الله وذكره، وبالله التوفيق.