إرشادات في الحب الكبير للأب المؤثر على حياة الولد

0 379

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله.
شكر الله لكم وتقبل منكم.
إنني منذ الصغر وإلى الآن أحب والدي حبا لا يعادله حب أمي، ليس كحب الناس لآبائهم بل أكثر، فأنا أفرح لفرحه وأتألم لألمه، أكون في أتعس الحالات فأراه يضحك فيضحك قلبي، والعكس بالعكس، منذ الصغر وأنا أشم رائحة ملابسه، وأقول لأمي: هذه فيها رائحة والدي، والذي يدعو للعجب أني أحبه أكثر من ولدي وأقدم رأيه على رأي كل أحد!

فهذا الحب يزعجني؛ لأني عندما أكون سعيدا أحزن لحزنه ولو لم يكن حزنه أو غضبه في شيء، أنا لا أنام الليل عندما يحزن من شيء لا سيما مني، والذي يحزن كثيرا أني لا أستطيع التحدث معه بطلاقة وبأمر هذا الحب (المفرط)، فقد عودنا أنه لا يتحدث في مثل هذا الأمر.

ملحوظة: أبي محبوب من الجميع، ويضعون له مكانة خاصة، وكلمته عند الأهل والجيران مسموعة.
لقد ترددت في سؤال طبيب نفساني حتى إني شاورت زوجتي، فقالت: لا تقل، والحمد لله الذي من علي بكم، فأفيدوني مأجورين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ أبو عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ابني الكريم! أسأل الله أن يوفقك وأن يرزقك البر بوالديك والإحسان إليهما، وسوف تجد من ولدك من يبرك إذا أحسنت إلى والديك.

المسلم يحب الله ورسوله أكثر من حبه لكل أحد، وعلامة كمال الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما، والشريعة تدعونا لحب والدينا والوفاء لهما وطلب رضاهما، ولكن بدون إفراط ولا تفريط.

والإنسان قد لا يملك بعض المشاعر، ولكن هذا الحب الصواب أن تكون له حدود بحيث لا يخالف أمر الله ولا يصبح هو الهم الأكبر، ويحسن بك أن تكتم هذا الأمر عن زوجتك، وقد لا تحتاج لعلاج نفسي، ولكني أنصحك بإخبار والدك بهذه المشاعر حتى يساعدك في دفعها والاعتدال فيها، وسوف يقدر فيك هذا الجانب، ويجتهد في أن يظهر لك الجانب المشرق من حياته ولحظات السرور حتى لا تتعب نفسيا لتعبه، وإذا عجزت عن إخباره فيمكن أن تخبر الوالدة أو أحد الذين لهم منزلة عند والدك.

وعليك أن تحقق التوازن فتعطي الوالدة حقها من الحب والاحترام، وكذلك تعطي الزوجة نصيبها من هذه المشاعر، ولا تنس نصيب أولادك، فلابد من إشباعهم عاطفيا، واشغل نفسك بذكر الله ليمتلئ قلبك بحب الله، واعلم أن اتباع الرسول الله صلى الله علي وسلم هو علامة الحب لله تعالى.

وإذا كان هذا الوالد محبوبا من الجميع فمن الطبيعي أن يكون حبكم له أكبر، وهو صاحب فضل بعد الله عليكم.

وإذا كانت ظروفك جيدة فعليك أن تكثر من السفر للحج والعمرة، وتعود نفسك مفارقة الأهل والوالد طاعة لله، وسوف تتمكن بذلك من ترتيب الأولويات كما أرداها هذا الدين العظيم الذي يجعل حب الله أغلى وأعلى غاية يسعى المسلم لنيلها، ثم حب رسوله واتباعه صلى الله علي وسلم، ولا تنس أن تعطي والدتك حقها، ورسولنا يخبر أن أحق الناس بحسن الصحبة هي الأم، يكرر ذلك ثلاثا عليه صلاة الله وسلامه.

واجعل حبك لسائر الناس بمقدار طاعتهم لله، فإن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فتقرب إلى الله بحب الأخيار وكراهية الفاسقين الفجار، واقرأ قوله تعالى: (( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ))[التوبة:24].
أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات