السؤال
كيف أبدأ سؤالي؟ لا أعرف، لكن حسبي أن أطرح مشكلتي:
لقد تم عقد قراني منذ سنة وعدة أشهر، وفي الثلاثة الأشهر الأولى كان يسأل عني كل أسبوعين مرة تقريبا بهذا الشكل، والآن هاتفه الخاص به خدمته مقطوعة، فلا يسأل عني إلا بعد مرور شهر وأكثر، وقد حصل أن تركني لمدة ثلاثة شهور لم يسأل فيها، فقمت بإقفال هاتفي الخاص بي كردة فعل؛ لأني لا أطيق انتظار مكالمته، أخشى انتظاره ثم لا يكلمني فأصاب بحالة شديدة من الحزن، ومريت بأيام حزينة أسأل نفسي فيها: هل أنا السبب في عدم لهفته علي وصبره شهورا لا يكلمني، مع أنه عند مكالمته يقول لي أنه يفكر في باستمرار؟
ولقد سألته: لم لا تكلمني؟ قال لي أنه مشغول في عمله وأموره، قلت له: إنني يصيبني القلق إذا طال غيابك عني، ولكن هذا لم يغير فيه شيئا.
إذن إذا كان هو مشتاق لي كلمني، أما أنا فلا أستطيع ذلك بالرغم من أني أحتاج إليه في بعض الأمور العاجلة.
أنا أريد أن أرى مكانتي في قلبه ومدى أهميتي عنده، فهذا الشيء غير واضح لي، فكيف أعلمه أن يهتم بي ويسأل عني، حتى العيد الماضي عيد الفطر قال لي: سأرسل رسالة جوال بمناسبة العيد، فقلت له: لا يكفي، فكلمني لمدة لا تصل إلى دقيقتين، ولم يسأل عني في عيد الأضحى، وهو ذو شخصية مهمة في عائلته وعمله، ومتمكن من جميع أموره، وإذا أراد شيئا سعى إليه، هل من حل؟ وأنا متمسكة به لأنه إنسان سوي، ونحن متقاربان في العمر ولنا نفس الوظيفة، ولكن أشعر أني لا أستطيع تغيير أي شيء فيه مهما كان بسيطا، فكيف بالمستقبل بإذن الله لن يكون لي رأي في حياته، وأنا الآن في حالة اكتئاب شديدة، وأحاول الصبر وأنتظر الفرج من الله تعالى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أختي الكريمة: أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقنا وإياك الصبر.
إذا كان هذا الزوج إنسانا سويا كما اعترفت له بذلك -وهذا جانب تشكرين عليه- فأرجو أن تحافظي عليه وتتمسكي به وتصبري، وسوف يجعل الله بعد عسر يسرا بإذنه تعالى، ولعل الوظيفة المشتركة بينكما مما يعين على التفاهم الأسري، خاصة وأنتم تعملون في أشرف مهنة، وهي مهنة الأنبياء التربية والتعليم، وتعتبر هذه الوظيفة من أنسب وأشرف الوظائف للمرأة المسلمة، خاصة في البلاد المحافظة التي تباعد بين أنفاس الرجال والنساء في بيئة العمل وقاعات الدراسة.
وأرجو أن تلتمسي العذر لهذا الزوج؛ لأن الوظيفة الكبيرة تشغل كثيرا من الناس عن واجباتهم الأسرية، وربما كان هذا البرود طبيعة في هذا الرجل، وقد يكون كشأن الكثيرين لا يحسن التعبير عن مشاعر الود والعطف والحنان، مع أنهم في الحقيقة يحبون زوجاتهم، ولكن الصواب هو إظهار هذه المشاعر المكتومة، خاصة في هذا الزمان الذي أصبحت فيه مشاعر الود الكاذبة تطفح من خلال وسائل الإعلام، وقد تركت آثارا مدمرة على كثير من الناس وخاصة شباب الأمة.
ونحن كمسلمين علينا أن نتأسى بهديه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، فقد كان ضحاكا بساما يشارك أهله ويدخل السرور عليهن ويحترم مشاعرهن، ويستخدم الأسماء التي تدل على الدلال، وكان يطوف على زوجاته جميعا حتى يستقر في بيت صاحبه الليلة، فعلينا مراجعة ذلك الهدي، ويمكن وضع الكتب التي تحدثت عن هذا الكمال الأخلاقي في متناول يد هذا الرجل، وكذلك الاستفادة من الأشرطة التي تناولت طرفا من هديه صلى الله عليه وسلم في معاشرة أهله، ويمكنك أيضا محاورته عن محتوى تلك الكتب بطريقة لينة تعترفين له بما عنده من محاسن قبل التعرض لمواطن الخلل.
والمرأة باستطاعتها أن تجذب زوجها إذا حرصت على ما يلي:
1- الاهتمام بمظهرها وهندامها .
2- ذكر محاسن الزوج وشكره على كل خير يقدمه لأهله .
3- تجنب النقاش في الأوقات غير المناسبة .
4- أن تكون طلبات الزوجة معقولة ومناسبة لإمكانات الزوج وظروفه المحيطة.
5- أن تعرف المرأة نفسيات زوجها، ومعرفة ما يفرحه ويحزنه.
6- أن تبتعد عن المقارنات بين إنجازاتها وأعمال زوجها، مع مراعاة عدم التقليل من الأعمال التي يقوم بها الزوج، خاصة وهو صاحب وظيفة وشهرة ويجد احتراما في الخارج، فقد لا يقبل التقليل من شأنه أو شأن أعماله في مملكته.
7- الاعتدال في الغيرة، وترك كثرة الشكوك.
وباختصار يا أختي فالرجل كما قيل عبارة عن طفل كبير، فهو محتاج لجرعات من العاطفة، وأنت ولله الحمد مربية ومعلمة، فالرجاء الاهتمام بما ذكرناه وما لم نذكره، وأكرر شكري لك لاعترافك لزوجك بالفضل، وسوف يتغير هذا الحال بإذن الله، أسأل الله لك التوفيق والسداد.
أ/ أحمد الفرجابي
=============
وبعد استشارة الشيخ موافي أفاد بالتالي:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع، ونعتذر عن تأخر الرد، ونسأله جلا وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يأخذ بناصيتك للحق، وأن يقدر لك الخير حيثما كان، وأن يرزقك الرضا به، وأن يوفقك في التأقلم مع طبيعة زوجك، وأن يجعل كلاكما عونا لصاحبه على طاعته ورضاه واستقرار الحياة الزوجية ونجاحها وسعادتها.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإن الله جل جلاله خلق في الناس صفات وعادات وقيم يجبل الناس عليها، وبعض تلك الصفات قد تكتسب من البيئة التي نشأ فيها الإنسان، ويبدو أن شخصية زوجك من الشخصيات التي يقلب عليها طابع الجد والعمل وحب النجاح فيه، والانشغال بالأعمال الخارجية بدرجة قد يفهم منها إهماله لشؤونه الداخلية، وهذا فعلا شيء وارد، خاصة مع الأشخاص المتميزين في عالم المال والدنيا والمسئولية، ويكثر هذا مع قلة العلم الشرعي الذي يصحح المسار ويقوم الاعوجاج، ويوازي بين طرفي المعادلة من باب قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لربك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا ... فأعط كل ذي حق حقه) هذه المعادلة لا تستقيم يا ابنتي إلا مع الدين والعلم الشرعي، وما سوى ذلك فقلما نجد من تتوافر لديه القدرة على ذلك، فكثير من هؤلاء الناجحين في أعمالهم يقل اهتمامهم بشئون الأسرة، وقد يصعب على بعضهم حتى مجرد التعبير العاطفي البسيط، وذلك للجدية التي تعودوها وألفوها، وهذا رغما عنهم وليس جحودا أو إنكارا أو تقليلا من شأن الطرف الآخر.
وقد يكونون من أرق الناس عاطفة ومشاعر، إلا أنهم لم يألفوا التعبير عنها مثل غيرهم من الناس، وهكذا غالب الشخصيات القيادية والناجحة في مجالات الأعمال والإدارة والسياسة.
فإذا توافر الدين تم حل المعادلة بالطريقة الصحيحة (فأعط كل ذي حق حقه)، فإذا كان زوجك ممن يتمتعون بقدر من العلم الشرعي والفهم الصحيح لمعنى الأسرة والحياة الزوجية، فأرى أن هذه السلبيات المذكورة يمكن معالجتها بسهوله؛ لعلمه بأن هذا يتعارض مع شرع الله، أما إذا كان مجرد شخص ناجح دنيويا ولا حظ له من العلم الشرعي، ويرى أن الحياة الزوجية شيء تكميلي وليس أساسيا في حياته بدليل قلة اتصاله بك رغم أهمية ذلك في تلك الفترة، فأرى أن تعيدي النظر في موقفك، فإذا كنت من النوع الذي يحتاج إلى دفء عاطفي قوي وأن هذا السلوك مهم جدا بالنسبة لحياتك، وأنه يتعذر عليك الحياة بدونه فلتكن هناك مصارحة من الآن قبل أن تبدأ المسيرة عمليا، وإذا كنت من النوع الهادئ عاطفيا والتي تقدم العمل والإنجازات على العاطفة، فأرى أنك لن تعاني من هذه التصرفات؛ لأنها لن تكون ذا بال بالنسبة لك، وعموما أرى ضرورة شيء من المصارحة وشرح وجهة نظرك خاصة إلى طبيعة العلاقة التي تريدين أن تسير عليها الحياة الزوجية مستقبلا، لأنك قد فهمت أن هناك نوع من الاختلاف في الطباع والرغبات والأمزجة، وأرى أن علاج ذلك الآن أفضل من المستقبل، فإن كانت الاختلافات محدودة ويمكن معالجتها والسيطرة عليها مستقبلا فأرى إتمام الزواج على بركة الله، وإن كان البون شاسعا ونقاط التلاقي في التقارب قليلة، فأرى أن تعيدي النظر في موفقك من الآن .
سائلا الله لك التوفيق والسداد والسعادة في الدنيا والآخرة، وبالله التوفيق.