السؤال
هل يجوز للمهاجر أن يرجع إلى الأرض التي هاجر منها لزيارة أسرته؟ وإذا جاز ذلك فهل هناك حد لعدد الأيام التي له أن يقضيها هناك؟
هل يجوز للمهاجر أن يرجع إلى الأرض التي هاجر منها لزيارة أسرته؟ وإذا جاز ذلك فهل هناك حد لعدد الأيام التي له أن يقضيها هناك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من رجوع المسلم إلى البلد الذي هاجر منه لسبب معين (من الكفر أو ظهور المنكر أو عدم التمكن من أداء الشعائر) إذا زال السبب، لأن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما؛ سواء كان ذلك لزيارة أسرته أو المقام فيها بالكلية.
وإن كان الأفضل له عدم المقام فيه بالكلية، لأن السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كانوا يكرهون الرجوع في شيء تركوه لله تعالى.
وأما تحديد إقامة المهاجر في البلد الذي هاجر منه بثلاثة أيام، فهذا خاص بمن هاجر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بلد الكفر قبل فتحه، فإنه إذا عاد إليه لحاجة من زيارة أهل أو غير ذلك، فليس له أن يقيم فيه بعد قضاء حاجته أكثر من ثلاثة أيام.
فقد روى مسلم وغيره أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا.
قال النووي: كأنه يقول لا يزيد عليها، ومعنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدون على الثلاثة.
وحرمة الرجوع إلى بلد الكفر والإقامة فيه على الذي هاجر منه، فهي قبل فتحه عند الجمهور، وأما بعد فتحه فقد أجازها بعضهم ـ كما نقله النووي عن القاضي عياض ـ في شرح مسلم، قال القاضي عياض -رحمه الله- في هذا الحديث حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح قال وهو قول الجمهور، وأجاز لهم جماعة بعد الفتح مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومواساتهم له بأنفسهم ، وأما غير المهاجر ومن آمن بعد ذلك، فيجوز له سكنى أي بلد سواء مكة وغيرها بالاتفاق. هذا كلام القاضي.
وعلى هذا، فيجوز للمسلم أن يرجع إلى البلد الذي هاجر منه ويقيم فيه بدون تحديد، إذا كان آمنا على دينه ونفسه.
والله أعلم.