السؤال
أنا من محافظة وأعمل في محافظة أخرى وأخرجت الزكاة لأهل المحافظة التي أعمل بها حيث الأيسر لي وحيث وجدت من بحاجة لهذا المال، فهل هذا صحيح، أم علي إخراجها مرة أخرى لأهل محافظتي؟ ولكم جزيل الشكر.
أنا من محافظة وأعمل في محافظة أخرى وأخرجت الزكاة لأهل المحافظة التي أعمل بها حيث الأيسر لي وحيث وجدت من بحاجة لهذا المال، فهل هذا صحيح، أم علي إخراجها مرة أخرى لأهل محافظتي؟ ولكم جزيل الشكر.
خلاصة الفتوى:
يستحب تفرقة الزكاة في بلدها، ثم الأقرب فالأقرب من القرى والبلدان ولا يجوز نقلها مسافة القصر من البلد الذي يوجد فيه المال ما دام يوجد فيه من يستحق الزكاة، بل إن من الفقهاء من يرى عدم جواز نقلها ولو إلى مسافة أقل من مسافة القصر، لكن نقلها لا يمنع صحتها وإجزاءها عند أكثر أهل العلم، فإن لم يكن في البلد من يستحق الزكاة نقلت إلى الفقراء أينما كانوا، وعند بعض العلماء يجوز نقلها إلى فقراء أشد فقرا وحاجة من فقراء البلد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المال الذي أخرجت زكاته موجودا في المحافظة التي يعمل فيها السائل فإن ما قام به يعتبر صحيحا لأن فقراء بلد الزكاة مقدمون على غيرهم من فقراء البلدان الأخرى، كما قال الفقهاء. أما إذا كان المال في المحافظة التي تقيم بها فينظر في المسافة بين البلدين، فإن كانت لا تصل إلى حد مسافة القصر فلا شيء فيما فعلت عند الكثير من الفقهاء، لكن يستحب تقديم فقراء البلد الأقرب فالأقرب، وإن كانت تصل إلى حد مسافة القصر اعتبر ما فعلت نقلا للزكاة لغير عذر وهو غير جائز لكنه لا يؤثر في إجزاء الزكاة عند أكثر أهل العلم، وعلى هذا القول فلا يطالب من فعل ذلك بإخراجها مرة أخرى، ومن الأعذار التي تبيح نقل الزكاة كون البلد لا يوجد فيه فقراء، ومنها كون فقراء البلد البعيد أشد فقرا وحاجة كما نص على ذلك المالكية وغيرهم.
قال ابن قدامة في المغني: المستحب تفرقة الصدقة في بلدها، ثم الأقرب فالأقرب من القرى والبلدان، قال أحمد في رواية صالح: لا بأس أن يعطي زكاته في القرى التي حوله ما لم تقصر الصلاة في أثنائها، ويبدأ بالأقرب فالأقرب، وإن نقلها إلى البعيد لتحري قرابة، أو من كان أشد حاجة، فلا بأس ما لم يجاوز مسافة القصر. انتهى.
وقال ابن قدامة أيضا عند قول الخرقي: ولا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى بلد تقصر في مثله الصلاة. المذهب على أنه لا يجوز نقل الصدقة من بلدها إلى مسافة القصر. قال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن الزكاة يبعث بها من بلد إلى بلد؟ قال: لا، قيل: وإن كان قرابته بها؟ قال: لا، واستحب أكثر أهل العلم أن لا تنقل من بلدها. إلى أن قال بعد ذكر الأدلة على منع نقل الزكاة من بلدها: لأن المقصود إغناء الفقراء بها، فإذا أبحنا نقلها أفضى إلى بقاء فقراء ذلك البلد محتاجين، فإن خالف ونقلها، أجزأته في قول أكثر أهل العلم. انتهى بحذف دعت له الحاجة.
ومن العلماء من لا يفرق بين النقل من مسافة القصر وغيرها، قال النووي: فحاصل المذهب أنه ينبغي أن يفرق الزكاة في بلد المال، فلو نقلها إلى بلد آخر مع وجود المستحقين فللشافعي رضي الله عنه في المسألة قولان، وللأصحاب فيها ثلاثة طرق (أصحها) عندهم: أن القولين في الإجزاء وعدمه (أصحهما) لا يجزئه (والثاني): يجزئه، ولا خلاف في تحريم النقل.. إلى أن قال: والأصح عند الأصحاب الطريق الأول (والأصح) من القولين أنه لا يجزئه.. (والصحيح) أنه لا فرق بين النقل إلى مسافة القصر.. إلى أن قال أيضا: لو كان المالك ببلد والمال ببلد آخر فالاعتبار ببلد المال لأنه سبب الوجوب ويمتد إليه نظر المستحقين فيصرف العشر إلى الأصناف بالأرض التي حصل منها العشر، وزكاة النقدين والمواشي والتجارة إلى أصناف البلد الذي تم فيه حولها. انتهى.
والله أعلم.