الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زكاة المال المستثمر إجباريا في وجوه محرمة ولا يمكن التصرف فيه إلا بعد سنوات

السؤال

أعمل في شركة تمتلك صندوق ادخار إجباري يتم بموجبه خصم 10% من راتبي شهريًا، بينما تضيف الشركة مبلغًا مساويًا (10%) شهريًا أيضًا. يتم تشغيل هذه الأموال بطرق غير شرعية، وتُضاف الأرباح الناتجة إلى المبلغ الإجمالي، لتصبح مكونات الصندوق على النحو التالي: المبلغ المقتطع (10%) من راتبي، مساهمة الشركة (10%)، أرباح المبلغ المقتطع، وأرباح مساهمة الشركة.
علمًا بأنه لا يمكنني التصرف بالمبالغ المودعة في الصندوق إلا بعد مرور خمس سنوات من الاشتراك، كما أستطيع الاقتراض من الصندوق من البندين (1) و(3)، على أن تتم إعادة القرض لاحقًا. في حالة تركي للعمل قبل إتمام الخمس سنوات، أستحق فقط المبالغ الموجودة في البندين (1) و (3).
وعند استحقاق المبلغ الإجمالي بعد مرور خمس سنوات، أود معرفة:
1. هل يجب عليّ دفع الزكاة على المبلغ بالكامل؟ مع العلم أن مساهمة الشركة وأرباحها لا أستحقها إلا إذا أكملت خمس سنوات.
2. هل أدفع الزكاة مرة واحدة بعد صرف المبلغ كاملًا بعد الخمس سنوات، أم أحتسب الزكاة سنويًا عند بلوغ النصاب، حتى لو لم أتمكن من سحب الأموال إلا بعد مرور خمس سنوات أو ترك العمل؟
أما بالنسبة للأرباح الناتجة عن الاقتطاع من راتبي وأرباح مساهمة الشركة، فهل يجب عليّ التخلص من جميع الأرباح؟ أم أكتفي بالتخلص من أرباح الجزء المقتطع من راتبي فقط؟ حيث قيل لي: إنني غير مسؤول عن استثمارات الشركة لمساهمة الشركة وأرباحها، وإن المسؤولية تقع فقط على ما اقتُطع من راتبي وأرباحه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنقول ابتداء: لا يجوز الاشتراك في صندوق الادخار إلا إذا انضبط عمله بالضوابط الشرعية. وراجع في ذلك الفتوى: 78682.

وحيث قد ذكرت أن الشركة تقوم باستثمار هذه الأموال بطريقة محرمة، فلا يجوز الاشتراك فيه اختيارًا، ولا الانتفاع بالأرباح الناتجة عن ذلك الاستثمار المحرم. بل يتخلص منها بإنفاقها في المصالح العامة، أو دفعها للفقراء والمساكين.

وأما بخصوص الزكاة في مثل هذا المال المستثمر في وجوه محرمة، فيزكي الأصل فقط إن بلغ نصابًا بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارة هي ملك لصاحبه، وأما الأرباح فلا تزكى، بل تصرف في مصالح المسلمين العامة -كما ذكرنا آنفاً-؛ لأن هذه الأرباح مال خبيث لا يملك.

وحيث إن هذا الادخار إجباري، ورأس مالك لا تستطيع التصرف فيه إلا بعد تمام خمس سنوات، فإنه يجري فيه كلام الفقهاء في زكاة المال غير المقدور عليه، فقيل: لا زكاة فيه، وقيل: يزكيه عند قبضه لكل السنين، وقيل يزكيه عند قبضه لسنة واحدة وهو الأقرب. كما بيناه في الفتوى: 29749.

وما تدفعه جهة العمل غير مملوك للموظف، فلا يزكيه ما لم يقبضه، فإن قبضه استقبل به حولاً جديدًا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني