السؤال
أخي الكريم والفاضل أعزك الرحمن ورفع من قدرك، سؤالي هو: أنا على علم بأن الرزاق هو الله سبحانه، وأنه ليس بمقدور كائن من كان أن يمنع ما هو مكتوب منذ الأزل، وما قدر الله سبحانه لك من رزق في هذه الحياة الدنيا ستناله بإذن الله.. لكن هذا الموضوع مع علمي ويقيني التام به، إلا أني أحس بأنه ليس بالعمق والإيمان الكافي في قلبي، فعندما أقرأ قول المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يحث بلالا رضي الله تعالى عنه على الصدقة: أنفق بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالا، أحس أني لا زلت في الدرجة الأولى.. كيف أصل إلى الإيمان الكامل في مسألة الرزق؟ بارك الله فيكم..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن مما يساعد على زيادة اليقين والتصديق والثقة بوعد الله ووعيده أن تكثر من مطالعة الترغيب والترهيب والرقائق، وأن تكثر من تلاوة القرآن بالتدبر، وتتأمل في النصوص الواردة في هذه المسألة، مثل قوله تعالى: وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم {العنكبوت:60}، ومثل قوله تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم {يونس:107}، ومثل قوله تعالى: ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم {فاطر:2}، إلى غير ذلك من الآيات، وتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم: الرزق أشد طلبا للعبد من أجله. رواه القضاعي وحسنه الألباني.
وتأمل بعقلك في حال كثير من الدواب تعيش في البر والبحر والله يرزقها ويدبر أمورها، فترى الطير تخرج خماصا في الصباح وترجع بطانا في المساء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا. رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني.
وتأمل اختلاف حاجيات الحيوانات فهذا يعيش في البحر ولو طلع للبر هلك، وهذا يعيش في البر ولو غرق في البحر هلك، وهذا يأكل ذوات السموم، وهذا تهلكه ذوات السموم، فالأمر بيد الله وتدبير أحوال الخلق بيده، فقوله حق ووعده حق؛ كما قال تعالى: إن وعد الله حق {يونس:55}، وقال تعالى: لا يخلف الله الميعاد {الزمر:20}.
فعلى المسلم أن يثق بذلك وأن يحسن الظن بالله عملا بالحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله. رواه أحمد وصححه الألباني.
والله أعلم.