السؤال
أنا طالب في كلية الهندسة، في السنة الأخيرة والحمد للهومن المعروف عندنا أنه كل دفعة عندما تصل إلى السنة الأخيرة، تقيم ما يسمى بـ"حفل التخرج" وهو حفل يجتمع فيه الطلبة ويكون فيه بعض الفقرات، وتكريم بعض الطلبة وهكذاوالمشكلة أنه في هذه الاحتفالات يكون هناك العديد من الأمور المنكرة مثل الأغاني أو الاختلاط..وأنا بفضل الله رئيس لفريق خيري عندنا في الدفعة، أعني أنني ولله الحمد لي كلمة مسموعة في الدفعةوقد اختلط علي الأمر..فلا أدري هل أشارك في تنظيم هذا الحفل لكي أحاول أن أقلل من المنكر فيه قدر الاستطاعة...أم أبتعد عن الأمر تماما وأترك كل هذا برمته ؟وسبب حيرتي أنني إذا شاركت في التنظيم محاولا تقليل المنكر، فلن نستطيع أن نصل إلى الدرجة المثالية (أقصد أنه ربما قللنا المنكر لكن لن نمنعه كلية) أما إذا لم أشارك في الأمر من الأساس فستحدث كوارث والعياذ بالله بلغني من أحد المسؤولين أن هناك فتيات وفتيان يريدون فقرة رقص في الحفل ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن الأصل أنه لا يجوز للمسلم حضور المنكر؛ لقول الله تعالى : وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا {النساء:140}.
وروى الترمذي والنسائي عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها بالخمر.
هذا هو الأصل.. ولكن إن كان هنالك غرض مشروع من حضور المسلم إلى مكان المنكر كإنكار المنكر والسعي في تقليله فلا حرج في حضوره ، ومن مقاصد الشرع في إنكار المنكر التقليل منه وإن لم يزل بالكلية.
قال ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين: إنكار المنكرات أربع درجات : الأولى : أن يزول ويخلفه ضده ، الثانية : أن يقل وإن لم يزل بجملته ، الثالثة : أن يخلفه ما هو مثله ، الرابعة : أن يخلفه ما هو شر منه ، فالدرجتان الأوليان مشروعتان ، والثالثة موضع اجتهاد ، والرابعة محرمة.اهـ.
وعلى هذا؛ فإن غلب على ظنك أنك بحضورك يمكن التقليل من المنكرات في هذا الحفل وأمنت الفتنة، فلا حرج عليك في الحضور والمشاركة في تنظيم هذا الحفل ، وعليك أن تحترس قدر الإمكان من المشاركة في تنظيم ما له علاقة مباشرة بالمنكر المعين ، وإن أمكنك المراقبة بعيدا عن مكان المنكر فلا يجوز لك الحضور في نفس مكان المنكر ، إذ إن مشاركتك للحاجة ، والحاجة تقدر بقدرها.
والله أعلم.