الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجات النهي عن المنكر ومسوغات سقوط الإنكار

السؤال

يأتي إلى متجرنا أشخاص غير مسلمين، وغيرهم ممن يقومون بالغيبة، ويشتمون، ويسبّون الدهر، والبعض من غير المسلمين نخاف على أنفسنا منهم لدناءتهم، ومعرفتنا بهم بأنهم لا يتورعون عن القتل وسفك الدماء. والبعض الآخر نردّ عليهم فيما يقومون به. فهل يمكن التفصيل فيما يجب علينا القيام به عند حدوث هذه المنكرات؟ وهل سكوتنا عن كثير من المنكرات بسبب كثرتهم، وخوفنا على أنفسنا، وأيضًا بسبب أننا إذا قمنا بالرد على الزبائن فسوف يرحل معظمهم، وهم من أهم الزبائن لدينا، يجعلنا نتحمل الإثم معهم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن تغيير المنكر له درجات، بينّها رسولنا عليه الصلاة والسلام في الحديث، فقال: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وحيث إنه لا سلطة لكم عليهم، فإن واجبكم هو رد المنكر، والنهي عنه، حسب استطاعتكم، وإذا خشيتم على أنفسكم من الإنكار عليهم، فيكفيكم بغض المنكر بقلوبكم، وإن كان الأصل أن يستعد المسلم لتحمل الضرر الناشئ عن قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه، عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وعلى أن نقول الحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم.

قال النووي في شرح الحديث: معناه: نأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر في كل زمان ومكان، الكبار والصغار، لا نداهن فيه أحدًا، ولا نخافه إلا هو، ولا نلتفت إلى الأئمة، ففيه القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأجمع العلماء على أنه فرض كفاية، فإن خاف من ذلك على نفسه، أو ماله، أو على غيره، سقط الإنكار بيده، ووجبت كراهته بقلبه، هذا مذهبنا ومذهب الجماهير، وحكى القاضي هنا عن بعضهم أنه ذهب إلى الإنكار مطلقًا في هذه الحالة وغيرها. انتهى.

وإن علمتم من له سلطة تمكّنه من قيامه بالواجب في ذلك، فأعلموهم إذا رأيتم المصلحة في ذلك، وأمنتم الضرر.

ولا تتركوا الإنكار عليهم خشية على التجارة، ونقص الزبائن، وثقوا بأن رزق الله لا يزيده سكوتكم عن ذلك، ولا ينقصه إنكاركم، بل قد يزيده؛ لأنه من التقوى التي ضمن الله بها الرزق، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني