0 158

السؤال

عمري الآن 37 عاما، وأعلم علم اليقين بأن الله يغفر الذنوب جميعا وأعلم بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكني قد فعلت ذنوبا في حياتي وأشعر بان الله لن يغفر لي هذه الذنوب، سأروي لكم مصيبتي التي قد فعلتها وكان عمري وقتها تقريبا 15 أو 16 عاما وأريد أن أعرف هل يسامحني الله أم لا، وخصوصا وأن الشخص الذي قد ارتكبت في حقه هذه المعصية قد توفاه الله فيما بعد، كان لي جار يصغرني في السن تقريبا في وقتها 3 سنوات وكان عنده عجز في قدميه وبطء في حركاته ولا يستطيع المشي إلا بمساعدة أي شخص، كنت قادما من مدرستي وكنت وقتها تقريبا في الصف ثاني الإعدادي، قابلت هذا الشخص لم يجد أحدا يساعده للوصول إلى منزله عندما رآني طلب مني المساعدة لكي أوصله إلى منزله ونحن في طريقنا إلى المنزل، وسوس لي الشيطان "لعنه الله" بأن أغتصب هذا الشخص وخصوصا أنه عاجز عن المقاومة فأخذته في أحد المنازل المتطرفة عن الطريق بحجة أن لي صديقا هنا سآخذ منه شيئا، ثم فعلت معه هذه الفاحشة هو حاول المقاومة فلم يستطع المسكين مقاومتي حاول يتوسل إلي لكني لم أستجب إلى توسلاته وبعد ما انتهيت من هذه الفاحشة تركته وحيدا وذهبت إلى منزلي. وبعد ذلك عندما أراه كأن لا شيء لم يكن ونسينا هذا الموقف الذي حدث ومرت الأيام والسنين على ذلك، حتى بدأ العجز والمرض يشدد عليه وبعد ذلك توفاه الله وكان عمره 20 عاما. وتأثرت جدا عندما علمت بوفاته وحضرت دفنه وقبلته قبل أن يدخل القبر وطلبت منه أن يسامحني، منذ هذا الوقت وحتى الآن وأنا أندم على هذا الفعل وعندما أفتكر هذا الموقف أبكي وأدعو الله أن يسامحني ويغفر لي ذنبي رغم أنني عملت عمرة ودعوت الله هناك بالمغفرة والسماح والآن أنا ملتزم بالصلاة والصيام منذ زمن وتزوجت وعندي أولاد ولكن هذا الذنب دائما في بالي أحس أن الله غير راض عني بسبب هذا الموضوع ماذا أفعل كي أحس بأن الله سامحني وموقفي مع هذا الشخص في يوم الحساب كيف سيكون. عندما أقرأ القرآن وخصوصا الآية التي يقول فيها سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }آل عمران135 ، أحس بالراحة بأن الله ممكن يسامحني. أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يقبل الله توبتك فيما يتعلق بحق الله، أما حق المخلوق فلا يغفر بالتوبة، وأكثر من الأعمال الصالحة ليكون عندك رصيد كثير يؤخذ منه له حقه، ويبقى لك خير كثير.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهنيئا لك بما عندك من مستوى الالتزام والقيام بالأعمال الصالحة، واستشعار خطورة الذنب الذي وقعت فيه والحرص على قبول التوبة منه.

واعلم أن الله تعالى يغفر ذنب من تاب إليه صادقا واشتغل بالأعمال الصالحة، كما قال تعالى: فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم{المائدة:39} وقال تعالى: وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام:54} وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم  {الزمر:53} وقال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما {الفرقان:68}

وفي حديث مسلم: من تاب من قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.

هذا فيما يتعلق بحق الله تعالى. وأما حق المخلوق فإن كنت قهرته على هذا الفعل، فقد يتولى الله عنك حقوقه ويرضيه عنك يوم القيامة، وقد يأخذ من حسناتك. فالعلاج هو أن تكثر من الأعمال الصالحة والتزود للآخرة. لما في حديث البخاري: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته....

 ويجب أن تستر نفسك، وتستر من فعلت به فلا تبح بذلك لأحد، واعلم أن فضل الله واسع، وقد غفر لمن قتل مائة نفس ظلما واستلمته ملائكة الرحمة مع أنه لم يقدم من العمل الصالح إلا أنه تاب إلى الله، فلا تقنط من رحمة الله التي وسعت كل شيء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات