السؤال
كنت أمتلك أرضا زراعية بحق انتفاع فقمت ببيعها منذ حوالي 7 سنوات بمبلغ 20000 جنيه مصري والآن من اشتراها يبيعها مباني بمبلغ يصل إلى 400000 جنيه وهذا يعرضني للمسائلة القانونية فقام بعض حوالي 50000 جنيه مقابل موافقتي وإمضائي على عقد البيع فهل هذا المبلغ من حقي أولا وإن كان من حقي أخذ مال منه فكم آخذ منه مقبل إمضائي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال يحتاج إلى توضيح وسنجيب في حدود ما فهمناه منه ، فإذا كنت تقصد بحق الانتفاع أنك قد استأجرت هذه الأرض لمدة معينة فلا يجوز لك بيع هذه الأرض لأنك لا تملكها إنما يجوز لك أن تؤجرها لغيرك خلال هذه المدة لنفس الغرض الذي استأجرتها له وهو الزراعة لا إقامة المباني ، فإذا لم يكن الأمر على هذا النحو فعليك أن تسترد الأرض ممن هي بيده وتعطيه ما دفع ولا يجوز لك أن تأخذ منه شيئا في مقابل السماح له ببيعها لأن أيا منكما لا يملكها وراجع الفتوى رقم : 98551 ، والفتوى رقم : 103260
وأما إذا كنت تقصد أن الدولة أو جهة أخرى قد منحتك حق الانتفاع بهذه الأرض دون أن يكون هناك عقد إجارة فجواب السؤال يحتاج إلى التنبيه على أمرين :
الأمر الأول: فيما يتعلق في تصرفك في هذه الأرض التي لك فيها مجرد حق الانتفاع ، فلا يجوز لك بيعها لغيرك لأنك لا تملكها ، كما لا يجوز لك أيضا تأجيرها لغيرك إلا بإذن الدولة أو الجهة المانحة لأنك إنما تملك فقط فيها حق الانتفاع ولا تملك المنفعة بحيث يجوز لك تأجيرها ، وبين حق الانتفاع وملك المنفعة فرق كبير .
قال الإمام القرافي : تمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة هو أعم وأشمل، فيباشر بنفسه، ويمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية" .
وقال العدوي المالكي :"مالك الانتفاع ينتفع بنفسه، ولا يؤجر ولا يهب ولا يعير، ومالك المنفعة له تلك الثلاثة مع انتفاعه بنفسه" .
وقال السيوطي : "قال : "كل من مالك المنفعة فله الإجارة والإعارة. ومن ملك الانتفاع فليس له الإجارة قطعا، ولا الإعارة في الأصح ".
الأمر الثاني ؛ فيما يتعلق بالتصرف في هذه الأرض على خلاف النحو المأذون فيه ، فإذا كانت الدولة أو الجهة المانحة قد منحتك الانتفاع بهذه الأرض للزراعة فلا يجوز أن تنتفع بها أو ينتفع بها غيرك في البناء لما في ذلك من مخالفة الشرط والاعتداء على أرض الدولة أو أرض الغير بغير حق ، وفاعل ذلك معرض للوعيد الشديد الوارد في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " إلى قوله : ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا[سورة النساء: 29،30].
وقوله –صلى الله عليه وسلم-أيضا : "إن رجالا يتخوضون (يتصرفون) في مال الله –أي المال العام- بغير حق، فلهم النار يوم القيامة" رواه البخاري. وقوله أيضا –صلى الله عليه وسلم- "المسلمون عند شروطهم فيما أحل" رواه الطبراني.
وبهذا تعلم أنه لا حق لك في المبلغ الذي يعرضه عليك هذا الشخص لتوافق على بيع الأرض مباني وأنك إذا لم يكن لديك إذن بتأجير هذه الأرض وقد أجرتها له فعليك أن تسترد منه هذه الأرض وتعطيه ما دفع.
والله أعلم .