السؤال
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونة من نفع للمسلمين...
سؤالي كيف يمكنني أن أتوب، أنا عندي غيرة شديدة على ديني ولكني لا أستطيع المداومة على التوبة فكلما بدأت الصلاة لا يمر وقت قصير إلا وأتركها، وقد رأيت في منامي رسول الله ولكن منذ سنين طويلة رأيته من ظهره ولم أر وجها، وعندما جريت وراءه لأرى وجها لم يلتفت إلي وانتهى حلمي ولم أر وجها ومنذ شهر كنت مسافرا إلى السعودية في عمل، وقلت علي أن أعتمر ولكن السفر تأجل إلى وقت غير معلوم هل يرجع ذلك إلى ذنوبي وعدم توبتي إلى الله ...
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فترك الصلاة من أعظم كبائر الذنوب، بل إن من العلماء من يرى كفر تارك الصلاة ولو تركها تكاسلا، وراجع الفتوى رقم: 10943، والفتوى رقم: 6061.
ولعل من إرادة الخير بك أن يريك ما ذكرته من المنام، فينبغي أن يكون زاجرا لك ومخوفا.
فعليك بالمبادرة إلى التوبة إلى الله تعالى، وإنما يكون ذلك بفعل كل صلاة في وقتها والندم على ما فرطت فيه من صلوات سابقة والإكثار من فعل النوافل والاستغفار وفعل الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات.
ويرى جمهور الفقهاء أن من الواجب عليك أن تقضي ما فاتك من صلوات وإن كثرت، وراجع الفتوى رقم: 512.
وأما قولك لا أستطيع أن أداوم على التوبة فذلك غير صحيح بل أنت تستطيع إن أردت وعزمت لأن الله كلفنا بذلك ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فاحذر من كيد الشيطان وتخذيله.
ومما يعينك على المحافظة على الصلوات ما يلي:
الذهاب إلى المسجد وأداء الصلاة في جماعة مع إخوانك المسلمين ففي ذلك تشجيع كبير لك على أداء الطاعة.
مرافقة الصالحين الأخيار الذين يحبون الصلاة ويحثون عليها، والبعد عن مرافقة الأشرار التاركين للصلاة.
تذكر فضائل الصلاة وعظمتها وأنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة وعظم ذنب تاركها وسوء عاقبته يعينك على المحافظة على الصلاة، وراجع الفتوى رقم: 25809 .
وبالنسبة لتأجيل السفر للعمرة لأجل غير معلوم قد يكون ذلك بسبب ذنوبك فإن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، والتوفيق لأداء الطاعات وتقوى الله من أعظم الرزق وعكس ذلك من خذلان الله وعدم رضاه. قال تعالى: زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب {البقرة:212}، وقال تعالى: ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين {التوبة:46}، وقال تعالى: فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى {الليل:5-7} ولكن لا تيأس من رحمة الله تعالى فإنه البر الرحيم سبحانه وهو كما قال سبحانه عن نفسه: يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وقد أخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم بأنه يفرح بتوبة عبده، وإنما يفرح سبحانه فرح الكريم الذي يريد إكرام من جاءه وأقبل عليه.
فبادر بارك الله فيك إلى التوبة والإقلاع عن ذنوبك وأنت لا تزال في زمن الإمهال.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.