السؤال
تعمل الحكومة عندنا قرعة للشعب على قطع أراضى لغرض البناء بسعر مخفض وبالقسط على عشر سنوات، وإذا لم يتم البناء خلال الموعد المحدد وهو ثلاث سنوات فقط فسينتزعون البناء من أصحابها، كما أنها تمنع المتاجرة فيها، ولكن حكومتنا لا تطبق الشريعة الإسلامية فى كثير من الأمور وتضيق الخناق على الناس وتترك لمن بيده الأمر التحكم فى احتكار السلع والأسعار، فهل لا يجوز شرعا المتاجرة ويجب طاعة ولي الأمر رغم كل الظروف، وقد طلع اسمى بالقرعة وبعد مضي عدة أشهر وأسعار الأراضى في ازدياد تقدم لي أحد الأشخاص يعرض مشاركتي في البناء حتى يتم في الموعد المحدد، وأنا أتساءل كيف تتم هذه المشاركة على الوجه الصحيح شرعا، فأناسأقوم بدفع ثمن الأرض بالتقسيط كما هو مطلوب، فهل يشاركني بدفع المثل منذ وقت حجزي للأرض، مع العلم بأنه ليس لديه المال الآن، ويريد دفعه بالتقسيط أيضا على مدى سنة ونصف، مع أنه كلما تأخر فى البناء زادت أسعار مواد البناء ولم يكف هذا المال لعمل البناء المطلوب، وبعدها إذا لم يتم البناء في الوقت المحدد يتم نزع البناء بأكمله، وهل يجوز إذا لم يوف بسداد نصف المبلغ المطلوب منه على الأقل يمكن فسخ العقد معه ورد نقوده إليه مرة أخرى، فأرجو النصح والإرشاد فأنا أعرف أن رضى الطرفين لا يحلل الحرام وأن كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل؟ وجزاكم الله خيرا. والله ولي التوفيق.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
الأصل أنه لا يصح بيع وشرط، وقد يجوز للسلطة العدول عن هذا الأصل من باب تقييد المباح للمصلحة، وفي الشركة تقوم العروض المشترك فيها يوم إحضارها، ولا مانع من فسخ العقد إذا لم يوف المشتري بالثمن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤالك على ثلاث نقاط أساسية هي:
1- الصورة التي تبيع بها الدولة الأرض.
2- الشراكة التي تريد أن تتعاقد عليها مع ذلك الشخص.
3- فسخ العقد إذا لم يوف الشريك بما التزم به.
وحول النقطة الأولى.. فالأصل أنه لا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري عدم المتاجرة فيما اشتراه، ولا اشتراط استرجاع الأرض المبيعة إذا لم تعمر، لما رواه الطبراني عن ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط..
ولكن هذا الأصل قد يطرأ عليه ما يخرجه عن المنع، فمن ذلك أن تؤدي المتاجرة ببعض الأراضي إلى ضرر يلحق بالناس، أو توجد مصلحة راجحة في منع بيع بعضها وإيجاب تعميره، فعندئذ يجوز للحاكم منع المتاجرة واشتراط التعمير، لأن للحاكم الحق في تقييد المباح لمصلحة معتبرة، وفي هذه الحالة فلا تجوز مخالفة أمره ما دام يصب في مصلحة الناس.
وإذا لم يكن في الأمر مصلحة معتبرة للناس فإن البيع المتعاقد عليه مع الدولة يمضي مع بطلان الشرط، وبالتالي يكون لك الحق في المتاجرة في الأرض وغير ذلك من التصرف، بشرط أن لا يترتب على شيء من ذلك الضرر.
وحول النقطة الثانية.. فعلى تقدير أنه لا تجوز لك المتاجرة في الأرض فالأمر واضح، وعلى التقدير الثاني فلا مانع من اشتراككما، وتقوم الأرض في اليوم الذي يتم فيه الاشتراك بينكما، ولا ينظر بعد ذلك إلى ما يطرأ على قيمتها من تغيير.
قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: .. وبعين وبعرض، وبعرضين مطلقا وكل بالقيمة يوم أحضر.
وجاء في منح الجليل: (وكل) من العرض المتشارك به من الجانبين أو أحدهما يعتبر رأس مال (بالقيمة) له (يوم أحضر) بضم الهمز وكسر الضاد المعجمة العرض للشركة، فإن استوت قيمة العرضين أو قيمة العرض والعين المقابلة له فالشركة بالنصف؛ وإلا فبقدر الاختلاف... انتهى.
وحول النقطة الأخيرة فقد ذهب كثر من أهل العلم إلى صحة فسخ العقد عند عدم الوفاء بالثمن إذا اشترط ذلك، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 63364.
والله أعلم.