السؤال
أرجو في هذا السؤال أن تجيبوني شخصيا ولا تحيلوني لأجوبة أخرى لأن هذا الأمر مهم جدا في تحديد مستقبلي أنا شاب ملتزم أعيش في دولة عربية عمري 21 سنة وأنا أدرس في الجامعة، مع العلم بأن الدولة لا توظف الرجال الملتحين في العمل ولقد اتصلت بالسفارة اليابانية ويمكن أن يقبلوني لكي أذهب للدراسة هناك ولقد راسلتهم لأسألهم هل يمكن الدراسة في اليابان باللحية وهم لا يزالون لم يردوا علي ولكن أخبرني صديقي أن اليابان لا يهمها المظهر، المشكلة هي أنني أعرف حكم العيش بين أظهر الكفار لذلك أنا أريدكم أن تبينوا لي الأمر، وهل يمكنني الذهاب إلى ذلك البلد للدراسة فيه، مع العلم أن ذلك البلد أحسن من حيث الحرية الدينية وهو لا يتابع الرجال الملتحين، أنا هنا مقيد في كأنني لست في بلد مسلم فهم يحاربون الإسلام كل ما استطاعوا ويعرقلون لنا كل شيء، مع العلم بأنني كنت أتمنى أن أذهب إلى دول الخليج لكن لم أجد دولة خليجية توفر بعثات إلى بلادها ولقد تجنبت الدول الأوروبية كلها وكذلك أمريكا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإقامة في بلاد الكفر يختلف حكمها باختلاف الأحوال، فتحرم في حق من يخشى على نفسه الفتنة، وتجوز في حق من يأمن على نفسه ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: فالناس في الهجرة ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة، لقول الله تعالى: إن الذين توفاهم الملآئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا. وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه، لقول الله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا* فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا. ولا توصف باستحباب لأنها غير مقدور عليها.
والثالث: من تستحب له، ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم، ولا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة، وقد كان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم مقيما بمكة مع إسلامه، وروينا: أن نعيم النحام حين أراد أن يهاجر جاءه قومه بنو عدي، فقالوا له: أقم عندنا، وأنت على دينك ونحن نمنعك ممن يريد أذاك، واكفنا ما كنت تكفينا، وكان يقوم بيتامى بني عدي وأراملهم، فتخلف عن الهجرة مدة، ثم هاجر بعد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قومك كانوا خيرا لك من قومي لي، قومي أخرجوني وأرادوا قتلي، وقومك حفظوك ومنعوك. فقال: يا رسول الله، بل قومك أخرجوك إلى طاعة الله، وجهاد عدوه، وقومي ثبطوني عن الهجرة وطاعة الله أو نحو هذا القول. انتهى...
وعلى هذا فإن كنت تأمن على نفسك بالإقامة في ذلك البلد فلا حرج عليك في السفر للدراسة هناك، وعليك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح وصحبة الصالحين من إخوانك المسلمين.
والله أعلم.