السؤال
أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلي لها فقالت إني تصدقت بهذا فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز للمرأة في مالها إلا بإذن زوجها فهل استأذنت كعبا قالت نعم فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كعب بن مالك زوجها فقال هل أذنت لخيرة أن تتصدق بحليها، فقال: نعم، فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها. الراوي: خيرة امرأة كعب بن مالك -خلاصة الدرجة: صحيح- المحدث: الألباني -المصدر: صحيح ابن ماجه- الصفحة أو الرقم: 1949، فهل استأذان الزوجة زوجها للتصرف في مالها من قبيل الواجب أو الاستحباب، حيث إني قرأت في هذا الموقع أنه من قبيل الاستحباب فلماذا سألها النبي هل استأذنت زوجها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي ذكرت قد استدل به بعض أهل العلم على أن المرأة لا يجوز لها التبرع بأكثر من ثلث مالها إلا بإذن زوجها وهم المالكية وبعض الحنابلة، وبالتالي فسؤال النبي صلى الله عليه وسلم لتلك المرأة هل استأذنت زوجها في شأن التبرع بحليها دليل على عدم مشروعية تبرعها إلا بإذن زوجها.
قال ابن قدامة في المغني: وظاهر كلام الخرقي، أن للمرأة الرشيدة التصرف في مالها كله، بالتبرع، والمعاوضة. وهذا إحدى الروايتين عن أحمد. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر، وعن أحمد رواية أخرى، ليس لها أن تتصرف في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض، إلا بإذن زوجها، وبه قال مالك، وحكي عنه في امرأة حلفت أن تعتق جارية لها ليس لها غيرها، فحنثت ولها زوج، فرد ذلك عليها زوجها، قال: له أن يرد عليها، وليس لها عتق، لما روي أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلى الله عليه وسلم بحلي لها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها، فهل استأذنت كعبا؟ فقالت: نعم. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كعب، فقال: هل أذن لها أن تتصدق بحليها؟ قال: نعم. فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه ابن ماجه. وروي أيضا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة خطبها: لا يجوز لامرأة عطية من مالها إلا بإذن زوجها، إذ هو مالك عصمتها. رواه أبو داود بلفظه، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها. ولأن حق الزوج معلق بمالها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لمالها وجمالها ودينها. والعادة أن الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها، ويتبسط فيه، وينتفع به، فإذا أعسر بالنفقة أنظرته، فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المعلقة بمال المريض. ولنا، قوله تعالى: فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم. وهو ظاهر في فك الحجر عنهم، وإطلاقهم في التصرف، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن. وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل. وأتته زينب امرأة عبد الله وامرأة أخرى اسمها زينب فسألته عن الصدقة، هل يجزيهن أن يتصدقن على أزواجهن، وأيتام لهن؟ فقال: نعم. ولم يذكر لهن هذا الشرط، ولأن من وجب دفع ماله إليه لرشد، جاز له التصرف فيه من غير إذن كالغلام، ولأن المرأة من أهل التصرف، ولا حق لزوجها في مالها، فلم يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه كأختها. وحديثهم ضعيف وشعيب لم يدرك عبد الله بن عمرو فهو مرسل، وعلى أنه محمول على أنه لا يجوز عطيتها لماله بغير إذنه، بدليل أنه يجوز عطيتها ما دون الثلث من مالها، وليس معهم حديث يدل على تحديد المنع بالثلث، فالتحديد بذلك تحكم ليس فيه توقيف، ولا عليه دليل.
وكنا قد بيننا في فتوى سابقة أن استئذان الزوجة زوجها فيما تنفقه من مالها مستحب وليس بواجب، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 61510.
والله أعلم.