السؤال
أثناء انتقالي من وظيفة إلى أخرى وحين تكلمت مع صاحب العمل الجديد قمت بالتعريض عن الأجر الذي كنت أحصل عليه من الوظيفة السابقة وفهم من ذلك أنه أكبر مما كنت أحصل عليه بالفعل ولكنني لم أكذب صراحة, وقد فعلت ذلك لأن التصريح بالمبلغ الحقيقي جعل راتبي أقل في العمل السابق، وفي الوقت نفسه لا أرضى لنفسي الكذب, وفعلا ترتب على هذا التعريض زيادة في أجري الجديد.
والسؤال هل في هذا الأجر شبهة بسبب هذا التعريض أم أنه عرض وطلب وقد كان بإمكانه أن يرفض هذا الأجر؟
أرجوكم أفيدوني سريعا جزاكم الله خيرا ...
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان صاحب العمل الجديد قد أعطاك الراتب المذكور اعتمادا على ما سمعه وفهمه من كلامك فتكون في هذه الحالة قد غررته، فالعقد صحيح لكن صاحب العمل بالخيار بين إمضائه وفسخه، هذا ما رجحه كثير من أهل العلم في مسألة التغرير برفع ثمن السلعة، وهو مذهب الحنابلة وأحد الوجهين عند الشافعية، والوجه الثاني عندهم: أن العقد صحيح ولا خيار لتفريطه في التحري مع وقوع المغرر في الإثم.
وعلى القول الأول يتعين عليك إخباره بحقيقة الأمر فإن رضي بإعطائك الراتب السابق فهو حلال كله، وإن لم يرض بذلك فله الفسخ، ولك في الفترة السابقة من الأجر بقدر ما يستحقه من يعمل مثل عملك، ويجب رد الباقي إلى مالكه إذا لم يتنازل عنه ويجعلك في حل منه، وإذا كان صاحب العمل لم يلق بالا لما سمعه منك ولم يعطك ذلك الأجر بناء على كلامك فالأجر مباح كله ولا شيء عليك، وإن كان العلماء قد ذكروا حكم التغرير بالكذب في ثمن المبيع فإن الإجارة أحكامها أحكام البيع كما هو مقرر عند أهل العلم إلا فيما خصها من أحكام.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني: لو قال البائع: أعطيت بهذه السلعة كذا وكذا فصدقه المشتري واشتراها بذلك ثم بان كاذبا فالبيع صحيح وللمشتري الخيار لأنه في معنى النجش. انتهى.
وقال مصطفى الرحيباني في مطالب أولي النهى: النجش حرام لما فيه من تغرير المشتري، ولذا حرم على بائع سوم مشتر كثيرا ليبذل المشتري قريبا مما سامه. ذكره الشيخ تقي الدين يعني ابن تيمية. انتهى.
مع التنبيه إلى أن التعريض لا يجوز اللجوء إليه من أجل الخديعة والحصول على أمر محرم كأخذ مال، بل يباح لأجل تحاشي الكذب وتفادي الضرر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7758.
والله أعلم.