السؤال
أخشى على زواجي من التداعي بسبب إهمال زوجي وتهاونه فى فروض الدين، إذ أنه يشرب الخمر باستمرار وصلاته لا تكون إلا فى رمضان وبصورة متقطعة, ومؤخرا توقف عن صيام رمضان متعللا بحجج مرضية تارة وعدم استطاعته تارة أخرى، الله أعلم أنني حاولت النصح معه بشتى الطرق ما بين لين وشدة ومنع نفسى منه فى ساعات غضبي منه لتلك الأسباب, كما أنه يتفوه بالطلاق حين سكره، لدي منه بنتان هما محور حياتنا وغايتنا, لا أشك مطلقا فى مدى حبه لأسرته ورغبته فى إسعادنا, لكنه يستسلم لشيطانه دوما, أبدى لي رغبته فى التوبة لكن تخور عزيمته فى أول الطريق، أشعر بالعجز التام والفشل والمرارة لعدم قدرتي على إصلاح القليل فيه, لا أريد إنهاء زواجي فما بيننا من ود الله أعلم به ولكن لا أستطيع البقاء معه وهو يستمر فى الذنب, فماذا أفعل أغض الطرف حفاظا على بناتي وبيتي وأستمر بالدعاء له، أم أتخذ موقفا وأخيره ما بين أسرته وذنبه وأطالب بالانفصال، وهل تفيدني فكرة دعوته لزيارة البيت الحرام عسى نور الإيمان ينير دواخله ويوقظ بذرة الإيمان التي أعلم أنها موجودة فيه، فأفيدوني وادعوا لي بالتوفيق والصلاح؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي زوجك وأن يأخذ بناصيته إلى طريق الحق والرشاد، وأن يصرف عنه كيد الشياطين، واعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز لك أن تغضي الطرف عما يفعله زوجك لأنه قد هدم أركان الإسلام وضيعها، فماذا بقي له من الإسلام بعد أن ضيع الصلاة وصيام رمضان، فالصلاة أعظم دعائم الإسلام بعد الشهادتين وأهمها، وهي عنوان صدق الإيمان وأبرز علاماته، ومن تركها منكرا لوجوبها فقد خرج عن ملة الإسلام باتفاق الأمة، لإنكاره ما هو ثابت بالكتاب والسنة، وما عرف من الدين بالضرورة، ومن تركها تهاونا وكسلا مع إقراره بوجوبها فقد كفر على الراجح من أقوال أهل العلم إذا كان تاركا لها بالكلية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة. وفي رواية: ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة. والحديث في السنن وصحيح ابن حبان وغير ذلك.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر. كما في المسند وصحيح ابن حبان والسنن، ولقوله صلى الله عليه وسلم: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. رواه الترمذي وصححه، وقال ابن تيمية: ومتى وقع عمود الفسطاط وقع جميعه، ولم ينتفع به. انتهى.
وصوم رمضان ركن من أركان الإسلام فمن تعمد الفطر فيه بلا عذر فقد هدم هذا الركن وأتى كبيرة من الكبائر، قال الذهبي في الكبائر: وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال. انتهى.
وشرب الخمر أيضا من كبائر الذنوب وعظائمها، فقد حرمها الله تعالى في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولعنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن شاربها، وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له. قال الألباني حسن صحيح.
وبهذا تعلمين خطورة ما ارتكبه هذا الزوج، وأنه يجب عليك أن تحثيه حثا جادا على الإقلاع عن هذه الذنوب العظيمة، وتبيني له ما لعله يجهله من أن ترك الصلاة كفر كما تقرر بالأدلة السابقة، وأعلميه أن العصمة بينكما منحلة شرعا إذا لم يقلع عن هذا الذنب، وذلك لأن المسلمة لا يجوز أن تبقى في عصمة كافر، لقول الله تعالى: لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن {الممتحنة:10}، فإن استجاب لنصحك وفاء إلى رشده فذلك المرجو، وإلا فامنعي نفسك منه وارفعي أمرك إلى ولي أمرك فإن نفع ذلك فبها وإلا فارفعي أمرك إلى المحاكم الشرعية ولا يجوز لك البقاء معه في حالة إصراره على ترك الصلاة وتضييعه لها فإن المرء إذا ضيع حق الله تعالى ولم يخش عقابه فهو لما سوى ذلك أشد تضييعا، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1061، 5629، 6061.
والله أعلم.