السؤال
أنا متزوج من زوجة ثانية ولكنها للأسف الشديد سليطة اللسان علي وعلى زوجتي الأولى وأولادي من الزوجة الأولى..بألفاظ خارجة عن حدود اللياقة والأدب ..وكثيرة الدعاء علي وعليهم ..وكثيرة العصيان لتوجيهاتي .. وكثيرة المخالفة لرغباتي ..وغير مطيعة للزوج في ما لا يوافق هواها, كما أنها عند أي خلاف بيننا تمتنع عن القيام بشؤوني اليومية. كما تبدأ بالخروج من المنزل بدون إذني عند كل خلاف ولا تصلح الحال بيننا إلا عندما تسير الأمور وفق رغباتها,, وهذا بالطبع لا يناسبني ولا يناسب أي رجل عاقل, حيث تريد أن تكون هي المسيطرة والآمرة الناهية في الحياة الزوجية, كما تتصف بشخصية قوية وهي ذات عناد وجدلية شديدة معي ومع غيري. ولحوحة جدا في طلباتها .. وتريد التنفيذ الفوري لها. ونادرا ما تعترف بالخطأ كما أنها نادرا ما تلتزم بما يتم الاتفاق عليه بيني وبينها وهي سريعة جدا في اتخاذ القرارات دون ترو ونظرة مستقبلية, وترى في غالب الأحيان أنها على حق, حتى مع توجيه النصح لها مني ثم من قبل كثير من المقربين ومأذوني الأنكحة والمستشاريين الأسريين الذين استعنت بهم بعد الله سبحانه وتعالى لتصحيح مسار الحياة الزوجية بيننا علما أنها تعمل وكيلة في مدرسة وفي مجال تربوي ويفترض فيها أن تربي الأجيال القادمة من البنات على الأخلاق الإسلامية الفاضلة وأن تكون قدوة لمن معها من المعلمات والإداريات إلا أن الواقع خلاف ذلك كما أنه لدي منها بنت ذات أربع سنين وهي تمانع بشدة تفوق الوصف منذ ولادتها حتى الآن في تواصل ابنتي مع إخوانها من أبيها بحجة عدم زيارتهم لها عندما كانت صغيرة علما أنهم كبار في المراحل الثانوية والجامعية وتريد أن يحضروا هم إليها .. كما تقول أن الإذن بزيارة البنت لإخوانها يجب أن يصدر منها هي متى ما رأت ذلك مناسبا ..وهي التي يجب أن تحدد منى تذهب البنت لإخوانها وليس أنا. وليس لي حق في أخذ البنت لإخوانها إلا بإذنها ...ونحن على هذا منذ أربع سنين تقريبا .. مما أوجد خلافا كبيرا بيننا بسبب ذلك علما أن الأم والبنت موجودون منذ ستة أشهر في بيت والد زوجتي بسبب هذا الخلاف .. وغيره من الخلافات .. وهي تتحفظ على ابنتي ولا تمكنني من التواصل مع ابنتي بأي طريقة كانت أبدا,, ولم تجد محاولاتي وغيري ممن تدخل في هذا الموضوع لتعديل هذا المسار معها نفعا ... ما هو رأي الشرع في تصرفاتها ,, وما هو توجيهكم لها ,,, وبماذا تشيرون علي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبالنسبة لحكم أذى الزوجة لزوجها ولأهله فقد تقدم الكلام عليه في الفتوى رقم: 1032. ولا يحق لها أن تمنع ابنتها من إخوانها ولا أن تمنعهاعنك فإن ذلك من قطيعة الرحم المحرمة، وقد قال عز من قائل: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. { محمد:22، 23}.
وخلاصة الأمر – أيها السائل- أن زوجتك هذه ناشز, وقد أرشد الله الأزواج في حال نشوز زوجاتهم بقوله: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا {النساء:34}. وقد نص المفسرون والفقهاء على لزوم التدرج على النحو الذي ذكرته الآية الكريمة. قال الإمام الرازي في تفسيره: والذي يدل عليه نص الآية أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريقة الأخف وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريقة الأشق. انتهى. وقال الكاساني الحنفي: فإن كانت ناشزة فله أن يؤدبها، لكن على الترتيب، فيعظها أولا على الرفق واللين، فلعلها تقبل الموعظة فتترك النشوز، وإلا هجرها، فإن تركت النشوز فبها، وإلا ضربها. انتهى.
والمقصود بالضرب هنا في الآية: هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة، قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرح؟ قال: بالسواك ونحوه .
فإن لم تستجب المرأة بعد ذلك فيندب للرجل أن يطلقها ولا يمسكها, فقد أخرج الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يدعون الله، فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيها ماله، وقد قال عز وجل: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم. {النساء:5}. قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق(بالضم) فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.
بل يجوز لك أيها السائل والحال ما ذكرت أن تعضلها وأن تعنتها لتفتدي منك. قال تعالى: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. {النساء:19}. فقد ذهب ابن جرير رحمه الله إلى أن الفاحشة المبينة تعم النشوز والزنا وبذاء اللسان.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35735، 79179.
والله أعلم.