السؤال
أنا فتاة من المملكة الأردنية الهاشمية يوجد عندنا عائلة تدعى (المومني) سمعت أن هناك قرابة أو نسبا بين هذه العائلة والرسول عليه السلام, ما مدى صحة ذلك؟ وإذا وجد نسب هل هذا يعني أنه لا تجوز الصدقة على أي شخص ينتمي إلى هذه العائلة؟ ماذا يكون الحكم إذا كان المتصدق (مومني) والشخص الذي تجب عليه الصدقة (مومني) أيضا؟وإذا كانت الصدقة غير جائزة فما موقف الشخص المومني من الآية (الأقرباء أولى بالمعروف)؟ مع العلم أنني أنتمي إلى هذه العائلة وقد واجهتني هذه الاستفسارات عندما أردنا إخراج فطرة رمضان.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما صحة نسب هذه العائلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فليس لنا علم بذلك، ولا يمكننا الخوض في ذلك نفيا أو إثباتا، ولكن إن ثبت هذا فإن الصدقة لا تجوز لآل النبي صلى الله عليه وسلم، إلا إذا منعوا حقهم من الخمس، فقد رجح كثير من الفقهاء عندئذ جواز أخذهم للصدقات؛ عوضا لهم عن حقهم الذي منعوا عنه لظلم الحاكم، أو لخلو بيت المال، أو غير ذلك من الأسباب.
وقد نص بعض أهل العلم على أن الزكاة من بني هاشم تحل لبني هاشم، ولا يحل ذلك من غيرهم، وهذا في الزكاة الواجبة ، وأما صدقة التطوع فالجمهور على أنه يجوز لهم الأخذ منها، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين: 6344، 62977.
فإن صبر الفقير من آل البيت واحتسب، ولم يقبل الصدقة من أحد، سواء أكان من أهل البيت أو غيرهم ـ مع كونه قد فقد حقه من الخمس ـ كان ذلك أولى وأفضل، تورعا وخروجا من الخلاف، وإن قبلها عندئذ مع حاجته الماسة إليها، فلا بأس عليه ـ إن شاء الله ـ ؛ لأن في القول بعدم الجواز والحال هكذا إمعانا في إفقارهم وتحقيقا لعوزهم، ولا يخفى تنافي ذلك مع مقاصد الشريعة في حقهم، وقد سبق بيان حقوق أهل البيت، والحكم التي من أجلها حرمت الصدقة عليهم في الفتويين: 58248، 15881.
وأما قول السائلة: ما موقف الشخص المومني من الآية: الأقرباء أولى بالمعروف، فإن كانت تعني قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم {الأنفال:75}.
أو قوله سبحانه: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا {الأحزاب:6}.
فهذا ليس في موضوعنا وإنما هو في الميراث، وإلا فليس في القرآن آية بهذا اللفظ، قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة في تخريج حديث: الأقربون أولى بالمعروف. لا أصل له بهذا اللفظ. كما أشار إليه السخاوي، وبعضهم يتوهم أنه آية، وإنما في القرآن قوله تعالى: قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين {البقرة:215}.
وعلى أية حال فلا خلاف أن صلة الرحم والصدقة على الأقارب من الأعمال الجليلة، وهي أولى بلا شك من الصدقة على غيرهم ، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44743، 52002، 73623.
وهذا يمكن العمل به بإخراج صدقة التطوع لهم، دون الزكاة الواجبة، كما سبق على قول جمهور أهل العلم بجواز ذلك. وقد أمر الله بالإحسان لذوي القربى وإعطائهم حقهم، فقال عز وجل: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى {النساء: 36}.
وقال تعالى: فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون {الروم: 38}.
وأداء حقوق أهل البيت من جملة أداء حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، كما قال تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور {الشورى:23}.
والله أعلم.