الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مناقب زين العابدين علي بن الحسين وهل ثبتت خُطبته

السؤال

أريد أن أستفسر عن خطبة سيدنا علي بن الحسين -رضي الله عنه- المعروف بزين العابدين، أو الإمام السجاد، وأريد أن أعرف صحتها، وهل فيها تعديل أم إن الخطبة المرفقة مع السؤال صحيحة؟ "أيها الناس، أعطينا ستًّا، وفضلنا بسبع، أعطينا العلم، والحلم، والسماحة، والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، ‏وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً، ومنا الصديق، ومنا الطيار ومنا أسد اللَّه، وأسد رسوله، ومنا سبطا هذه الأمة، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي. أيها الناس، أنا ابن مكة، ومنى، أنا ابن زمزم، والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردى، أنا ابن خير من ‏ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبى، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من ‏بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دَنا فَتَدَلَّى، فَكانَ قاب َ‏قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى،‏ أنا ابن من صلى بملائكة السما، أنا ابن من أوحى إليه‏ الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى. أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن ‏من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا اللَّه، أنا ابن من ضرب بين ‏يدي رسول اللَّه سيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع ‏البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر باللَّه طرفة عين، أنا ابن صالح ‏المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكاءين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين، رسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرئيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل المارقين، والناكثين، والقاسطين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب للَّه ولرسوله من المؤمنين، وأول السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين اللَّه، وولي أمر اللَّه، وبستان حكمة اللَّه، وعيبة علمه، ‏سمح، سخي، بهي، بهلول، زكي، أبطحي، رضي، مقدام، همام، صابر، صوام، ‏مهذب، قوام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم عنانًا، وأثبتهم‏ جنانا، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد، باسل، يطحنهم في‏ الحروب إذا ازدلفت الأسنة، وقربت الأعنة طحن الرحى، ويذروهم‏ فيها ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وكبش العراق، مكي، مدني، خيفي،‏ عقبي، بدري، أحدي، شجري، مهاجري، من العرب سيدها، ومن الوغى ‏ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، ذاك جدي‏ علي بن أبي طالب، ثم قال: أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن خديجة الكبرى، أنا ابن المقتول ظلماً". أرجو منكم الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا لم نر هذه الخطبة في شيء من كتب السنة، ولا من كتب التاريخ والأدب، ولا شك في فضل زين العابدين، وآل البيت.

ومناقب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مذكورة في كتب السنة الصحيحة، كصحيح البخاري، وغيره، إضافة إلى كتب التراجم الصحيحة، كسير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي، وغيره.

ومن أصول معتقد أهل السنة محبة، واحترام، وتوقير آل البيت، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: العقيدة الواسطية: ويحبون أهل بيت رسول الله، ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خم: أذكركم الله في أهل بيتي ـ وقال أيضًا للعباس عمه، وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله، ولقرابتي ـ وقال: إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. اهـ.

وقد كان المعاصرون لزين العابدين يقدرونه، ويجلونه، ويعترفون له بالعلم، والسخاء، والعبادة، والفضل، فقد نقل الذهبي عن أبي حازم المدني قوله: ما رأيت هاشميًا أفقه من علي بن الحسين، سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: لمنزلتهما منه الساعة. اهـ

وروي عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين كثير من القصص في السخاء، والكرم، وإخفاء الصدقات، فقد روي أنه كان يحمل الطعام في الليل، ويطرحه على أبواب الفقراء، ولم يعلموا بذلك حتى توفي -رحمه الله تعالى- كذا في الحلية لأبي نعيم.
وجاء في سير أعلام النبلاء في الكلام عليه: كان علي بن الحسين ثقة، مأمونًا، كثير الحديث، عاليًا، رفيعًا، ورعًا.
روى: ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما رأيت قرشيًا أفضل من علي بن الحسين ....

وكان له جلالة عجيبة، وحق له -والله- ذلك، فقد كان أهلًا للإمامة العظمى؛ لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألهه، وكمال عقله.

قد اشتهرت قصيدة الفرزدق، وهي أن هشام بن عبد الملك حج قبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر، زوحم عليه، وإذا دنا علي بن الحسين من الحجر، تفرقوا عنه؛ إجلالًا له.

فوجم لها هشام، وقال: من هذا؟ فما أعرفه؟

فأنشأ الفرزدق يقول:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها: ... إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

يغضي حياء، ويغضى من مهابته ... فما يكلم إلا حين يبتسم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله ... بجده أنبياء الله قد ختموا .... اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني