الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك أيها السائل إلى أن الإقامة في بلاد الكفر من الأسباب الموجبة لفساد الدين وضياع الخلق، وغير خاف على أحد ما في هذه البلاد من انحلال وفساد وضياع إلى أبعد الحدود وأقصى الغايات، ونحن لا ندري ما هو سبب إقامتك، وهل هناك مصلحة شرعية تربو على المفسدة الناشئة عن إقامتك في بلاد يحارب فيها الله جهارا ونهارا أم لا؟ وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءا ناراهما. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
ولا نظن أن المفاسد تخفى عليك خصوصا وأنك قد ذكرت في رسالتك أن زوجتك صارت تتعامل مثل الأوروبيين، فأنت لا شك قد لمست هذه الآثار إضافة إلى ما في هذه البلاد من قوانين جائرة تنحاز للمرأة بالباطل عند أدنى خصومة لها مع زوجها.
فننصحك أن تراجع أمر إقامتك في هذه البلاد، فقد يكون هذا من المعاصي التي بسببها سلطت عليك زوجتك، فالله عز وجل يقول: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا {النساء:123}. ويقول سبحانه: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30}
وكان الفضيل بن عياض يقول: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي.
أما ما تفعله زوجتك معك من تمرد وعصيان وامتناع عن فراشك فهذا من كبائر الذنوب التي توجب غضب الله ولعنته، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات ساخطا عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وفعلها هذا يسقط نفقتها وحقوقها لأنها بهذا تعتبر ناشزا، وعلاج هذا النشوز قد بينه القرآن الكريم في قوله سبحانه: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا {النساء:34}.
فإن لم يجد هذا معها نفعا فلتطلقها لأنه لا يستحب إمساك مثل هذه المرأة.
أما قولها لك: إنك محرم عليها.. فهذا لا أثر له في التحريم لأن المرأة لا تملك طلاق زوجها ولا تحريمه، فعن شريح قال: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت: هو ولي المرأة، فقال علي: بل هو الزوج. ذكره ابن كثير في تفسيره.
وإذا كانت تقصد بهذه الصيغة إنشاء التحريم فاختلف في لزوم كفارة اليمين عليها وعدم لزومها، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 24416.
والله أعلم.